تسريبات ثروة هادي.. هل انقطع حبل التواطؤ بين الشرعية والحوثيين؟
فجأة.. انقطع حبل الوئام، أو بالأحرى التواطؤ، الذي جمع بين الشرعية والمليشيات الحوثية، بعدما لجأت "الأخيرة" إلى فضح استثمارات المعسكر الإخواني في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في خطوة غير مستغربة لكن توقيت الكشف عنها قد يثير عدة تساؤلات.
أحدثت وثائق مسربة لمراسلات بين بنك التضامن والنيابة الجزائية التابعة للحوثيين جدلا كبيرًا، إذ أظهرت حجم الثروة المالية الضخمة التي يملكها الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، والتي أودعها منذ سنوات في بنك التضامن في صنعاء، الخاضعة لسيطرة المليشيات.
إقدام هادي وأولاده وأتباعه في الشرعية الإخوانية على إيداع أموالهم ببنوك في مناطق سيطرة الحوثيين ومتورطة في دعم المليشيات أمر لا يثير الكثير من الاستغراب، وذلك بالنظر إلى حجم علاقات التقارب التي تجمع بين الفصيلين، والتي تعود لسنوات طويلة، خطها الواقع العسكري بشكل واضح، بعدما أظهرت الشرعية انبطاحًا وتآمرًا واسع النطاق في مواجهة المليشيات الحوثية وسلّمتها مواقع وجمّدت معها جبهات.
لكن الجانب الأهم في هذا الإطار هو دلالة توقيت التسريب من قِبل الحوثيين حول الممارسات العبثية التي تقدم عليها قيادات الشرعية التي استثمرت بقوة من واقع الحرب الراهنة، وكوّنت قياداتها ثروات طائلة وضخمة.
دوافع الحوثيين في تسريب هذه المعلومات في الوقت الراهن قد تكون سياسية، فالملشيات تجد نفسها حاليًّا محاصرة بالكثير من الضغوط من قِبل عديد الأطراف الدولية والإقليمية، والتي ليس فقط تدعو لوقف التصعيد والانخراط في مسار عملية سياسية، لكن الأمر يرتقي إلى حد تحميلها مسؤولية بلوغ الأوضاع الراهنة هذا القدر من التوتر.
ويبدو أن المليشيات الحوثية تعمل على تحويل بوصلة الهجوم بعيدًا عنها، لا سيّما أنها تميل إلى التصعيد العسكري بشكل أكبر في جبهة مأرب عملًا على حسم هذه المعركة المستمرة منذ فبراير الماضي ولم تتمكن المليشيات من حسمها حتى الآن.
وبالتالي، فإن المليشيات الحوثية ربما تكون قد ارتأت أن تخفيف الضغوط عنها مرتبط بإظهار إحدى فضائح الشرعية، والتي تتمثل في تكوين كل هذه الثروات المالية، بما في ذلك نهب منحة سعودية بمليار ريال، لم تُنفَق فيما خصصت له، لأن هادي استولى عليها وأودعها في حسابه ببنك التضامن في صنعاء.
الحلقة الأضعف في هذا الإطار تبقى الشرعية نفسها، فهذا المعسكر الخاضع لقبضة إخوانية لم يجد من أمره شيئًا، ولم يستطع مجرد الرد - على الأقل حتى الآن - إزاء ما سرَّبه الحوثيون، وربما أن الشرعية فضلت الصمت لتهدأ وتيرة الأمور من تلقاء نفسها تحسبًا لأي انفلاتات أكبر في مجريات الأحداث.
هذه القضية تكشف أن الطرفين لا يعنيهما إلا مصالحهما فقط، وأنهما ينهبان ثروات الشعوب، و يتآمران على الجميع، ولا يخوضان حربا حقيقية، وإنما يمارسان نصبا وخداعا وكذبا فاضحا في سبيل بلوغ مصالحهما، والحفاظ عليها.