زيادات غير مبررة.. الحوثي يعذب السكان بفواتير المياه
تواصل المليشيات الحوثية، توظيف ملف المياه - التي يعاني السكان بشدة من نقصها - في إثقال كاهل السكان بالكثير من الأعباء، كإحدى الآليات التي تتبعها المليشيات من أجل مضاعفة الأزمة الإنسانية، بما يضمن لها إطالة أمد الحرب وإحكام قبضتها على المناطق الخاضعة لسيطرتها.
فبعد أيام من قرار حوثي برفع قيمة استهلاك المياه في محافظة إب، أدرجت المليشيات محافظة صنعاء على قائمة الزيادات ورفعت قيمة الاستهلاك بنسبة 300%، رغم حالة النقص الشديد التي يعاني منها السكان في الحصول على الخدمة.
وأظهرت فواتير الاستهلاك، التي أصدرتها المليشيات الحوثية، ممثلة في مؤسسة المياه والصرف الصحي في صنعاء، ارتفاعًا كبيرًا في قيمة الاستهلاك على السكان الذي يعانون من فقر مدقع، سبّبته الحرب الحوثية، ممزوجًا أيضًا بإقدام المليشيات على عرقلة صرف الرواتب.
قرار الحوثي بزيادة قيمة استهلاك المياه يأتي في وقت لا تتكبد فيه المليشيات أي تكاليف، إذ أن منظمات إغاثية تابعة للأمم المتحدة تتولى ضخ الوقود إلى محطات المياه، ما يعني أن المليشيات لا تتحمل أي تكاليف، وبالتالي لا يوجد مبرر - وفق السكان - للإقدام على هذه الخطوة.
اللافت أن المليشيات الحوثية، تحجّجت وهي تتخذ هذه الخطوة، بارتفاع أسعار الوقود، وذلك على الرغم كونها المتحكمة في سوق النفط بشكل كبير وتدير أسواقًا سوداء تهدف إلى رفع أسعار الوقود، وبالتالي قدمت المليشيات دليلا دامغًا من تلقاء نفسها على أن قرار رفع المياه لا يهدف إلا إلى تحصيل المزيد من الموارد المالية، سواء لتحقيق ثروات ضخمة لقيادات المليشيات أو لتمويل عملياتها الإرهابية ضمن ما تسميه "المجهود الحربي".
إلى جانب ذلك، ذهبت وسائل إعلام موالية للحوثيين إلى استغلال هذا الملف للمتاجرة السياسية، فعلى الرغم من أن المليشيات تتحمل المسؤولية الكاملة عن إثقال كاهل السكان بكل هذه الأعباء، إلا أنها حاولت تحسين صورتها عبر ترويج شعارات المظلومية وإلصاق اتهامات واهية ضد التحالف العربي، وذلك في محاولة لتمرير أجندتها في رفع الأسعار مع ضمان عدم الخسارة على الصعيد السياسي.
وبينما شهدت الفترات الماضية الكثير من الانتقادات والاتهامات التي وُجِّهت للحوثيين بشأن تسببهم في إطالة أمد الحرب وعرقلة الحل السياسي، فإن المليشيات تتخوف من أن يفتضح أمر صناعتها لهذه الأزمات الإنسانية، ومن ثم يتحول الموقف الدولي إلى ضغوط فعلية تُمارَس ضد المليشيات.
بالعودة إلى ملف المياه، فإن هذا القطاع يشهد ترديًّا هائلا سواء فيما يخص ارتفاع الأسعار الذي يسير في منحى تصاعدي، فضلا عن سوء تقديم الخدمة من الأساس، حتى صُنِّف اليمن، وتحديدًا المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بأنها أكثر المناطق التي تعاني من نقص حاد للمياه على مستوى العالم.
زيادة الـ300% ليست الوحيدة التي فرضها الحوثيون، فقبل أسابيع أصدرت المليشيات قرارًا برفع سعر الوحدة من 90 ريالا إلى 195 ريالا، أي بنسبة 100%، واللافت في هذا الإطار أن المليشيات لم تُطلع السكان على هذه الزيادة، لكنهم فوجئوا أثناء تحصيل الفواتير الشهرية بما أقدمت المليشيات على اتخاذه.
وكثيرًا ما يتبع الحوثيون سياسة الأمر الواقع، ولا تميل المليشيات إلى تمهيد الطريق أمام الخطوات الجائرة التي تُقدم على اتخاذها، وهذه السياسة مرتبطة بمساعٍ حوثية بإثقال كاهل السكان بالأعباء المفاجئة، بمعنى عدم تمكينهم من تدبير احتياجاتهم.
في الوقت نفسه، فمن الملاحظ أن المليشيات وهي تقدم على اتخاذ مثل هذه الخطوات المفاجئة فهي تتخوف من الإعلان عنها مسبقًا تخوفًا من أن يثير ذلك غضب السكان، وبالتالي ظهور احتجاجات مناوئة للحوثيين، وهو أمرٌ تخشاه المليشيات حتى لا تهتز الأرض من تحت أقدامها وينفرط عقد سيطرتها.
توالي الزيادات التي يفرضها الحوثيون على استهلاك المياه حتى أصبحت تتم بشكل شهري، فرض تخوفات على أكثر من جانب، فعلى الصعيد الصحي قد يضطر السكان إلى تدبير احتياجاتهم من المياه من مصادر غير نظيفة، وهو ما ينذر بتهديدات واسعة بتفشي الأمراض والأوبئة.
إضافة إلى ذلك، فإن إصرار الحوثيين على إثقال كاهل السكان بهذه الأعباء في وقت يتوقف فيه صرف الرواتب يعني أن الأزمة الإنسانية في طريقها للانفجار الشامل، وهو أمرٌ لا يمكن تحمله بأي حالٍ من الأحوال، لا سيّما بالنظر إلى الوضع المترهل لكافة القطاعات في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من إيران.
ودائمًا ما يرتبط إقدام الحوثيين على زيادة الأسعار بخسائر ضخمة تتعرض لها المليشيات وتسعى لمقاومتها اعتمادًا على الأموال التي يتم فرضها على السكان دون أي مبررات، فقبل أيام أعلنت مؤسسة المياه والصرف الصحي بمدينة ذمار الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أن مديونيتها بلغت مليارين وثمانمئة مليون ريال، في إعلان نُظر إليه بأنه مهد الطريق أمام إعلان زيادات في أسعار الاستهلاك.