الإمارات والسعودية.. صمام أمان المنطقة العربية
تعد العلاقة الوطيدة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بمثابة صمام أمان للمنطقة العربية ارتكاناً على تاريخ البلدين الذي يملتئ بالمبادرات والجهود الحثيثة لتسوية الخلافات العربية أو لتقديم الدعم المطلوب لأي من الدول العربية، إلى جانب انخراطهما في تسوية الأزمات والتوترات الأمنية التي تشهدها العديد من دول المنطقة منذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي، ووقف البلدين حائط صد أمام محاولات تقسيم الدول العربية وتفتيتها.
من المتوقع أن تحقق الزيارة التي يقوم بها ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى المملكة العربية السعودية، غداً الاثنين، نتائجها سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي والتوافق على سياسية موحدة لانتاج النفط تحت مظلة "أوبك" أو على المستوى السياسي من جهة أعطاء دفعة لجهود البلدين نحو تسوية الأزمة اليمنية وإرغام الشرعية الإخوانية على تنفيذ بنود اتفاق الرياض، أو على مستوى قضايا عربية أخرى على رأسها الأزمة الليبية.
هناك جملة من العوامل التي تؤكد أن البلدين بمثابة صمام أمان للمنطقة، لأنهما يتبنيان مواقف مشتركة إزاء القضايا العربية والخليجية والإقليمية والدولية؛ ويعملا على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
استطاع البلدان أن يحافظا على تماسك مجلس التعاون الخليجي بالرغم من محاولات قوى معادية تهديد الأمن القومي الخليجي، حيث لعبا دورا كبيرا في التصدي لحركة الاحتجاجات التي شهدتها مملكة البحرين في مارس من عام 2011 وهو نفس العام الذي شهد فوضى عارمة في عدد من الدول العربية تحت مسمى "الربيع العربي"، وتمكنا من صد مؤامرة ودعم من إيران بعد أن قادا تحركا عاما لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإرسال قوات "درع الجزيرة" بناء على طلب حكومة مملكة البحرين لوقف محاولات نشر الفوضى والتخريب في البلاد، وذلك انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول المجلس.
كان للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أدواراً فاعلة في الحفاظ على تماسك منظومة مجلس التعاون الخليجي عبر قمة العلا الخليجية التي حملت رقم "41" واستضافتها مطلع العام الجاري، وتمكنا من طي الخلاف مع قطر بإصدار بيان ختامي مطول شمل على 117 بنداً وحمل اسم "إعلان العلا"، ويمضيان قدماً على طريق تحقيق الاتفاق بخطوات واثقة وصادقة وبشفافية تامة، إيمانا منها بأهمية المحافظة على اللحمة الخليجية وتطوير العمل الخليجي المشترك.
ولعل ما يبرهن على وحدة المصير المشترك بين البلدين ترأست الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي، في حين عقدت القمة الخليجية للدورة نفسها بالعاصمة السعودية الرياض، في 10 ديسمبر 2019، لتبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية ووحدة المصير بين البلدين، وأهمية التعاون بينهما في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
العلاقة الإستراتيجية بين البلدين تجسدت في التحالف العربي الذي قاد "عاصفة الحزم" ضد مليشيات إيران في اليمن، وتمكنا منذ العام 2015 من الوقوف حائط صد أمام محاولات اختطاف الدولة العربية التي تحظى بموقع إستراتيجي مهم على البحر الأحمر، وساندت الإمارات على الدوام الجهود السعودية والدولية الداعمة لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، حيث أعلنت، مرارا، ترحيبها بتنفيذ اتفاق الرياض المبرم بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وجرى توقيع اتفاق الرياض في 5 نوفمبر 2019.
وجرى الاتفاق جرى بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، وعقب توقيع الاتفاق أعرب الأمير محمد بن سلمان عن شكره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مشيدا بما قدمته الإمارات من تضحيات جليلة مع جنود السعودية.
شارك البلدان بفاعلية في جهود مكافحة الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط وانضما إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تظيم "داعش" الارهابي في عام 2014، ويقوما بدور محوري في الحرب الدولية ضد التطرف والإرهاب؛ خاصة في ما يتعلق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية، وهي جهود تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع.