بعثرة أوراق الحل السياسي.. كلمة السر خيانة الشرعية في الحديدة
تمضي المليشيات الحوثية في طريقها نحو بعثرة أوراق الحل السياسي في اليمن بفعل التنسيق المشترك مع الشرعية الإخوانية التي دعمت وصول قواتها إلى مشارف محافظة شبوة بعد ست سنوات من تحرير الجنوب من المليشيات المدعومة من إيران، وهي الخطوة التي مرت بمحطات عديدة قبل أن تُسهل الشرعية عملية وصول الحوثيين إلى الجنوب مرة أخرى لتحقيق هدفهم الأساسي المتمثل في إطالة أمد الصراع أطول فترة ممكنة.
يمكن القول بأن المحطة الأولى كانت من خلال خيانة الشرعية في محافظة الحديدة، إذ أن عملية تحرير الساحل الغربي التي قادها التحالف العربي كانت قاب قوسين أو أدنى من قطع أهم نقطة تمويل إلى المليشيات الحوثية عبر تحرير ميناء الحديدة قبل أن تقرر الشرعية الإخوانية الانبطاح أمام أوامر القوى الإقليمية المعادية التي تدعمها وعلى رأسها قطر وتركيا وإيران من أجل التوقيع على اتفاق الحديدة (ستوكهولم).
منح هذا الاتفاق العناصر المدعومة من إيران الفرصة الكاملة للسيطرة على مدينة الحديدة وتحديدا الميناء الذي يصل إليها من خلاله الأسلحة والأموال الإيرانية، في حين أن الشرعية اتخذت موقف المتفرج أمام الانتهاكات المتتالية للهدنة دون أن تتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها السليم، وبدت ساعية إلى تسهيل مهمة المليشيات الحوثية لتعزيز حضورها في الساحل الغربي.
منذ ذلك الحين لم تتوقف الانتهاكات الحوثية في الحديدة والتي كان آخرها اليوم الاثنين، حيث هاجمت منازل المواطنين في مدينة التُّحيتا، جنوب محافظة الحديدة، بقذائف الهاون، وسقطت القذائف بحسب تصريحات للأهالي، على منازل المواطنين، مؤكدين أنها ألحقت أضرارًا كبيرة.
تتصدى القوات المشتركة للجرائم الحوثية في الحديدة بشكل مستمر، وأوقفت في مرات عديدة محاولات التسلل إلى مناطق جديدة استغلالا لتراخي الشرعية في التعامل معها سياسيًا وعسكريًا أيضا، وأدركت العناصر المدعومة من إيران أن المجتمع الدولي الذي صمت أيضًا على كل هذه الانتهاكات لن يكون لديه مانع في تمددها على نحو أكبر من ذلك.
يرى مراقبون أن وجود المليشيات الحوثية الإرهابية في الساحل الغربي يعد كلمة السر في تمددها الحالي، لأن ضمنت السيطرة على المنفذ الأهم الذي للتمويل وبالتالي فإنها كلما تعرضت لهزائم أو انتكاسات على يد القوات المسلحة الجنوبية أو القوات المشتركة تجد الدعم الذي يعوضها عن تلك الخسائر، وهو ما جعلها أكثر قدرة على تنفيذ مخططها الساعي لإطالة أمد الصراع وإفشال أي محاولات للحل.
يشكل وجود المليشيات الحوثية الساحل الغربي نقطة إمداد رئيسية للعناصر المدعومة من إيران في الجبهات التي تتعرض فيها لخسائر فادحة على يد التحالف العربي، تحديدا في محافظة مأرب التي تعرضت فيها لهزائم قوية بفعل الضربات المركزة لقوات التحالف، وبالتالي فإنها تسعى لتحصين وجودها في تلك الجبهة من خلال إيجاد موطئ قدم جديد في الجنوب إلى جانب سيطرة على مناطق واسعة من محافظات الشمال.
يقف المجلس الانتقالي الجنوبي حائلا أمام تطبيق هذا المخطط لأن قواته المسلحة الجنوبية لديها القدرة على التعامل مع المليشيات الحوثية وبالرغم من وصول إمدادات إيرانية متتالية عبر ميناء الحديدة إلا أن معارك الضالع على سبيل المثال لم تتأثر بذلك واستمر صمود أبناء الجنوب على الجبهات، لكن الأمر سيكون بحاجة إلى مزيد من الضغوطات على الشرعية الإخوانية من جانب التحالف العربي من أجل تنفيذ بنود اتفاق الرياض ومن ثم توجيه سلاحها صوب المليشيات الحوثية.