دعم إماراتي لا محدود لرياض الأطفال بالمدن المحررة
كان لرياض الأطفال الحظ الأوفر، من الاهتمام والدعم من قبل هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، ضمن عملية إعادة دورة الحياة الطبيعية للمنشآت التعليمية والتربوية في المدن المحررة، فبعد عملية التأهيل والترميم، وإعادة الصيانة وتوفير الأدوات والأجهزة، أدى ذلك إلى تفعيل الأنشطة والبرامج التعليمية، وإقامة المسابقات والمعارض المتنوعة في عموم رياض الأطفال بمدينة عدن، كل ذلك ترك الأثر البالغ في نفوس الأطفال، وأدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم بعد التحاقهم بالروضة التي يمارسون فيها كل الأنشطة والألعاب التعليمية.
ويشير تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة إلى أن مليوني طفل من أصل ستة ملايين طفل يعيشون دون تعليم، أي ثلث الأطفال في اليمن لا يحصلون على فرص خدمات التعليم مع نقص في جوانب التأهيل للمرافق، ما دفعهم إلى التسرب عن الدراسة والانقطاع عنها بسبب الحرب، لكن وضع الأطفال بالمدن المحررة أفضل من قرنائهم في المدن الواقعة تحت سيطرة الميليشيا الحوثية، حيث بإمكانهم اللعب عن طريق التعليم، ومزاولة البرامج المفضلة عندهم الطرق التربوية الحديثة.
أروقة ساحة روضة الضياء بمنطقة التواهي بمدينة عدن أعادت تأهيلها هيئة الهلال الأحمر الإماراتية بالمظلات الشمسية، وترميم الأثاث وتزويدها بأجهزة كمبيوتر، وافتتاح المعرض الأول للرسوم والأعمال اليدوية لمختلف رياض الأطفال بمدينة عدن، التي نظمتها خلال هذا الأسبوع إدارة رياض الأطفال بمكتب التربية والتعليم بعدن على مدى يومين، ضمن برنامج إعادة تطبيع الأنشطة الصفية، وتشجيع المواهب الابداعية، وتحفيزها لدى طلاب رياض الأطفال، وسط مشاركة وإقبال كبير من أولياء الأمور وشخصيات أمنية ورسمية واجتماعية وقيادات تربوية مشجعة لهذه الفئة من طلاب الروضة.
مستقبل مشرق
عبر الأطفال من خلال الأقلام الملونة والرسوم والمشغولات اليدوية في أول معرض فني يقدم إبداعاتهم، ومواهبهم عن تطلعاتهم ومشاعرهم نحو مستقبل مشرق مليء بالطموح والأمل بعيداً على أبواق الفتنة ونيران الحرب، هذا ما عبر عنه مدير أمن عدن اللواء، شلال علي شايع، عن انطباعه أثناء تجوله بأروقة المعرض، وواصل حديثه بالقول، «الإعداد لهذا المعرض من قبل القائمين عليه يظهر بصورة واضحة من خلال ما تم التعبير عنه بالصور واللوحات الفنية والأعمال اليدوية والمشغولات لبراعم وزهور رياض الأطفال، والتي تجسد مدلولات عظيمة وتطلعات وطموحات كبيرة لأطفالنا في التطلع لمستقبل يسوده الحب والأمن والسلام .. مشيراً إلى أن البعد الأخلاقي والإنساني يدعونا جميعاً للاهتمام بتربية وإعداد جيل الحاضر وأمل المستقبل، مثمناً جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم العملية التربوية والتعليمية خلال الأعوام التي أعقبت التحرير، وما قامت به من أعمال تأهيل وترميم وصيانة لعدد من المدارس بما فيها رياض الأطفال، الذي كان له الأثر البالغ في إعادة تطبيع الحياة التعليمية لمدارس ورياض الأطفال التي تأثرت جراء الحرب الانقلابية الحوثية ذات الأجندات الإيرانية على المدن اليمنية.
وأشاد وكيل محافظة عدن، محمد نصر شاذلي، بمستوى الأعمال المنجزة من قبل المشاركين والجهة المنظمة له مما يؤكد أن مدينة عدن بخير، وأنها قادرة بهمة كل أبنائها التواقين دائماً وأبداً للحب والسلام، على أن تنهض من بين ركام مخلفات الحرب، وتبرهن للجميع على أنها مدينة التعايش السلمي والفن والجمال، ويشاركه الرأي مدير مكتب التربية والتعليم بعدن، محمد عبد الرقيب، الذي أوضح «أن الهدف من تنظيم هذا المعرض تعزيز الاهتمام بتربية النشء وتشجيعهم على إبراز مواهبهم بأساليب تربوية وتعليمية حديثة ومتميزة، وغرس في نفوس الأطفال تقدير الفنون بكل أشكالها وأنواعها الابداعية، مشيراً بالدعم السخي المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة، وقيادتها الحكيمة التي أنفقت ملايين الدولارات في عملية التأهيل والصيانة للمدارس والمرافق، والذي سعت إلى تسخير كل الإمكانيات المتاحة لديها لعودة التلاميذ إلى مدارسهم، وإزالة آثار الدمار والتشويه الذي لحق بالمدارس بهدف تشجيع عودة العملية التعليمية والتربوية بكل مدارس التعليم العام والثانوي ورياض الأطفال.
«تشجيع الأطفال على المشاركة»
تقول مديرة إدارة رياض الأطفال الجهة المنظمة للمعرض، هناء سعيد باسويد: «العمل على تأهيل رياض الأطفال، وتوفير بعض المستلزمات الأساسية كأجهزة الكمبيوتر التي ساعدت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية على توفيرها لبعض إدارات رياض الأطفال، يؤكد اهتمام دولة الإمارات بدعم تعليم رياض الأطفال، وأنه نابع من الاهتمام بثقافة الأجيال، وهذا ساعدنا كثيراً كقائمين على رياض الأطفال في تدشين الخطط والبرامج التعليمية في رياض الأطفال، الذين كانوا بحاجة ضرورية لها من أجل إخراجهم من الحالة النفسية للحرب إلى حالة الأمن والاطمئنان، فمخرجات معرض الرسومات والأعمال اليدوية، هو محصلة ما يتم تدريسه وتعليمه للأطفال، فاستخدام الرسوم والألوان بأقلام الشمع والمائي تعالج العديد من الحالات المرضية لكل الأفراد، خاصة الأطفال، فإنها تساعد على تحسين الصحة النفسية، وتساهم في التخفيف من حالات التوحد النفسي والعدواني عند الأطفال الذين عاشوا مرحلة حرب، كما تساعد على تحقيق الدعم والراحة النفسية وتحسن نوعية حياتهم بشكل طبيعي.
وأضافت، «نعمل كإدارات رياض الأطفال من خلال الخطة التعليمية على مراعاة التعامل مع مرحلة الطفولة ونشأة الطفل، وكيفية تعليمه وتدريبه في كيفية التعلم عن الأشياء المحيطة حوله .. مشيراً إلى أن المعرض تشارك فيها 13 روضة أطفال، تتنافس على مدى يومين بأفضل العروض والأعمال المقدمة، حيث سيتم تقييم أفضل جناح خاص بالروضة المشاركة داخل المعرض، وتقديم الهدايا التشجيعية والشهادات التقديرية للمشاركين، بما يعزز مفهوم المشاركة والتنافس البناء بين رياض الأطفال لتقديم أفضل ما لديهم خلال المعارض الذي تنظم سنوياً على مستوى مديريات مدينة عدن. في حين تقول، أستاذة توجيه تربوي في روضة الأمل بخورمكسر، بثينة عمر العلواني، إن الأطفال أول من يعانون ويلات الحروب، وبأن مثل هذه الفعاليات النوعية تسهم في إعطاء الأطفال الفرصة للمشاركة، والتعبير عن آرائهم ومفهومهم ونظرتهم لما يدور حولهم، ويعكس حبهم إلى الاستقرار والسلام عبر الرسم والمدلولات التعبيرية، ستجدين بعض الأطفال رسم مباني تحترق مدمرة أو صور موتى، وسيارات إسعاف ودبابات وأسلحة، وبعض آخر رسم الطبيعية والبحر والشمس والشجر وأطفال يلعبون، وآخر رسم عائلته وبيته، كل أطفال الرياض شاركوا في المعرض الذي ترك انطباعاً تشاركياً رائعاً بين الأطفال ومربياتهم وأسرهم الذين جاؤوا لمشاهدة أعمال أطفالهم ومشاركتهم أجواء المعرض الذي تزين بالبالونات وأوراق الزينة.
«فرص لتنمية مواهب الأطفال»
وتصف مديرة روضة الصهاريج، ابتسام عبدالله سيف، «شعور السعادة والابتهاج الذي غمر الأطفال عند افتتاح أبواب الروضة، بعد عملية الترميم من قبل الهلال الأحمر، قائلة هم يجدون في الروضة بيئة مختلفة تماماً عن المنزل، ويقومون بالعديد من الأعمال، ومشاهدة برامج الأطفال واللعب بالألعاب والرحلات الترفيهية للحدائق العامة وشاطئ البحر وأداء الأدوار التمثيلية على خشبة مسرح الروضة، وتقليد الحيوانات، والقيام بالرسم والتشكيل بالطين والصلصال وأوراق الزينة كل الأشكال الذي يحبون أن يقوموا بها، لافتة بأن الأعمال اليدوية والمشغولات من القش والطين المنجزة في المعرض هي أعمال ما يقدم للأطفال في داخل وحدات الروضة، وهذه الأنشطة تعمل على تحفيز الحس الإبداعي لدى الأطفال، وتنمية مهاراتهم، من خلال إفساح المجال لإبراز مواهبهم في مجالات الرسم، التشكيل بالصلصال، والأشغال اليدوية، كما نسعى من خلالها إلى تعزيز ثقة الأطفال بأهميتهم وبقدرتهم على المشاركة، وذلك من خلال استقطاب اهتمام الفئات العمرية ما فوق ثلاث سنوات إلى خمس سنوات لصقل مواهبهم الابداعية وتفاعل معهم، وتقدير الأعمال المشاركة في المعرض، وإعطاء أهمية كبيرة للعمل والجهد الذي تم بذله من قبل الطفل لإتمامه.
وتشير الوكيل المالي لروضة أروى مديرية الشيخ عثمان، انتصار قاسم، «إلى أن المعرض يأتي ضمن برامج رياض الأطفال، هو جزء لا يتجزأ من برنامج اكتشاف مواهب الأطفال الابداعية، فبعض الأطفال يحتاجون من يكتشف مواهبهم ويسهم على تنميتها ويرعاها ويحفزها، ويضعها في إطارها السليم والصحيح ويطلقها ضمن مثل هذه المناسبات، وخاصة أننا مررنا بظروف صعبة، بعد الحرب التي ترك أضراراً في معظم الأطفال، ونشر الخوف في قلوبهم، فرياض الأطفال تهتم بتربية الأطفال، وتوفير المتطلبات الأساسية، وإتاحة البيئة اللازمة لتمكين الصغار وتكوينهم بالشكل الذي يبصرهم معاني الحب والمشاركة الانتماء ويساعد على تشكيل شخصيتهم المستقلة القادرة على الفهم والتعبير عن الذات واحترام الآخرين، وتبادل الرأي والرأي والآخر بحرية وخلق شخصية تنخرط في المستقبل البناء الوطني.