إسقاط الغزو الثقافي: الانتقالي يمهد لاستعادة الدولة بترسيخ الهوية الجنوبية
رأي المشهد العربي
يسير المجلس الانتقالي الجنوبي في مسارات عديدة بآن واحد لتوفير البيئة الملائمة لاستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة. لم يكتف بالجهود العسكرية أو السياسية أو الدبلوماسية، بل دعمها بتحركات فاعلة على مستويات اجتماعية واقتصادية وثقافية مهمة لا يمكن فصلها عن باقي المسارات للوصول إلى تحقيق الهدف الذي ينشده كل جنوبي لديه إيمان بقضيته العادلة.
في ظل استخدام الشرعية الإخوانية وكذلك المليشيات الحوثية الإرهابية أساليب مختلفة لعداء الجنوب واحتلاله والسيطرة على مقدراته كان لازمًا أن يتسلح الانتقالي بالأدوات التي تمكنه من دحض هذه المؤامرات والتي تنوعت ما بين حروب عسكرية مباشرة وحروب الخدمات وجرائم الفساد المتعمدة ونهب الثروات إلى جانب مخططات "يمننة الجنوب" عبر تشويه الهوية الجنوبية، ومحاولة ترسيخ الأفعال والسلوكيات الشمالية البربرية.
وجدت قوى الاحتلال الشمالية أنها لن تستطيع أن تجابه الثقافة الجنوبية السمحة والمنفتحة على كثير من الثقافات إلا من خلال ترسيخ العنف والفوضى والقتل والتشريد وعمدت على خلق بيئة مساعدة على محو آثار كل ما هو جنوبي من خلال توالي عملياتها الإجرامية وممارستها كافة الأساليب الوحشية التي استهدفت تحويل المحافظات الجنوبية إلى غابة، وقصدت تحييد المؤسسات القضائية والعدلية الجنوبية لتنفيذ مخططاتها.
وهو أمر أدركه المجلس الانتقالي الجنوبي جيدا، ووضع خططا فاعلة للتعامل معه، سواء كان ذلك من خلال الفعاليات الثقافية التي ينظمها بشكل دوري في المحافظات والمديريات المختلفة، أو عبر الاحتفاء بالمناسبات الوطنية الجنوبية وإشراك المواطنين فيها، أو من خلال اهتمامه الفاعل بالمؤسسات التعليمية والثقافية وتقديم كافة أنواع الدعم الممكن للارتقاء بالمستويات الفكرية للطلاب والصغار.
استهدف الانتقالي إيجاد نقاط مضيئة وسط العتمة التي تسببت فيها الممارسات الاحتلالية، ولقيت جهوده استجابة من المواطنين الذين يشاركون بفاعلية في منتديات الشعر ومسابقات الغناء التي تشرف عليها الوحدات المحلية للانتقالي في المديريات المختلفة، وهو ما يعطي ثقافية جنوبية ضد الغزوات الثقافية الشمالية التي يجري الترتيب لها من خلال عمليات النزوح السياسي المستمرة من محافظات الشمال إلى الجنوب.
يشكل الاجتماع الذي عقدته اللجنة الثقافية في الجمعية الوطنية، والدائرة الثقافية بالأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، أمس السبت برئاسة الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس، لبحث سبل ترسيخ الهوية الثقافية الجنوبية، خطوة مهمة على طريق ترسيخ الهوية الجنوبية تمهيدا لاستعادة الدولة.
وهو الأمر الذي أكده الرئيس الزُبيدي، والذي شدد على أن أهمية مواجهة الموروث الثقافي الجنوبي في ظل محاولات طمسها من جانب أعداء الجنوب، معتبرا أن قوى الاحتلال الشمالية أهدرت البعد الثقافي الجنوبي بكل تجلياته، رغبة في هدمه، ويمننة الجنوب.
سلط الزُبيدي الضوء على أهمية تعزيز الثقافة في أنحاء الجنوب، وحماية الهوية الجنوبية، وشدد على أهمية التنسيق بين الدائرة الثقافية في أمانة المجلس واللجنة الثقافية بالجمعية الوطنية، بما يستهدف وضع إستراتيجية عامة تنفذ خطواتها على الأرض لضمان نجاحها وتحقيق التأثير المرجو على عقول المواطنين وإنعاش ما هو محفور في عقلهم الجمعي تجاه هويتهم الجنوبية.