المساعدات الأمريكية.. وسيلة لإنهاء المعاناة أم سبيل لإطالة أمد الصراع؟
في كل مرة يجري فيها الإعلان عن تقديم مساعدات إنسانية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية إلى اليمن تثار عشرات الأسئلة حول مسارات هذه المساعدات ومدى توجيهها إلى المستحقين لها؟ وماهية الآليات التي تتخذها الإدارات الأمريكية المتلاحقة لضمان عدم توجيهها للمليشيات الحوثية الإرهابية التي تستفيد منها للتمادي في ارتكاب جرائم ضد المواطنين الأبرياء؟
إصرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على رفع المليشيات الحوثية من قائمة المنظمات الإرهابية بهدف إيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في صنعاء والمواقع الخاضعة للمليشيات الحوثية كشف عن أن الولايات المتحدة لا تملك الأدوات الفاعلة التي تمكنها من توجيه مساعداتها للمحتاجين، وأن المليشيات الحوثية تبقى المتحكم الأول في طريقة دخول المساعدات بالمناطق المسيطرة عليها، وتتولى عملية سرقتها أو توزيعها على من تشاء من أتباعها.
المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينج، أعلن تخصيص 165 مليون دولار مساعدات إنسانية جديدة لليمن، وذلك بعد أشهر قليلة من إعلانها تقديم ما يقرب من 191 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية في مؤتمر المانحين رفيع المستوى الافتراضي لعام 2021 لمواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن.
وقدمت الولايات المتحدة قبل نهاية العام الماضي ما يقرب من 160 مليون دولار، إضافة إلى أكثر من 350 مليون دولار منذ بداية السنة المالية 2021، وبلغ مقدار ما قدمته الولايات المتحدة منذ بدء الحرب الحوثية أكثر من 3.4 مليار دولار.
تعبر ضخامة الأرقام عن أن هناك جهودا دولية حثيثة تبذل للتخفيف من المعاناة لكن ذلك لا ينعكس على أرض الواقع ما يشي بأن هناك جهات تقوم بسرقة هذه المساعدات وتوجيهها لارتكاب العمليات الإرهابية ودعم المجهود العسكري، وفي تلك الحالة فإنها تكون وسيلة لإطالة أمد الصراع.
وفي شهر مارس الماضي، اتهم الناطق باسم الخارجية نيد برايس، الحوثيين بأنهم يقومون بتحويل مسار المساعدات الإنسانية، وعرقلتها في بعض الأحيان خاصة تلك المتعلقة بالوقود، ما يؤكد أن الولايات المتحدة لديها براهين على ارتكاب العناصر المدعومة من إيران بسرقة المساعدات لكنها في الوقت ذاته لم تتدخل لوقف هذه الممارسات.
ووفق بيان الحالة الإنسانية الشهرية الذي يصدره مكتب الأمم المتحدة بشكل دوري، فإن أكثر من 20.1 مليون شخص في البلاد بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، وأنه بنهاية يوليو الماضي كانت خطة الاستجابة الإنسانية لليمن أقل من 48%، في حين كثف المانحون دعمهم بسخاء مقارنة بعام 2020، لا سيما للأمن الغذائي، إلا أن الاستجابة لا تزال هشة، لا سيما في القطاعات الأخرى.
ويؤكد ذلك التقرير أيضًا أن المساعدات لا تسير في المسارات السلمية التي تضمن التعامل مع الأوضاع الإنسانية المتردية، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تستفيد منها المليشيات الحوثية وكذلك الشرعية الإخوانية لمعاقبة الأبرياء على الصمود في وجه جرائمهم الإرهابية، لأن الملايين من المواطنين سوف ينشغلون بإيجاد طريقة يوفرون فيها قوت يومهم.
وتشير تقارير حقوقية إلى هناك ما يقرب من 5 ملايين على شفا المجاعة وأكثر من 4 ملايين نازح داخلي معرضين للخطر بشكل كبير، في الوقت الذي تمارس فيه المليشيات الحوثية جرائم حرب لا يمكن أن تسقط بالتقادم ولا يجري محاسبتها عليها، فضلا عن استمرارها في استغلال هذه الظروف لتجنيد الأطفال في المراكز الصيفية التي تتوسع فيها بمناطق سيطرتها.