عدن ليست كابول.. الجنوب المحاصر يصمد وحيدا
رأي المشهد العربي:
لم تصمد العاصمة الأفغانية كابول في مواجهة حركة طالبان الإرهابية وسقطت في غضون ساعات قليلة بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، ما يؤكد أن مشاريع دعم العناصر الإرهابية ودفعها نحو السيطرة على المؤسسات الوطنية داخل العديد من الدول العربية والإسلامية مازال مستمرا حتى الآن، ويعد التعاون والتنسيق بين المليشيات الحوثية الإرهابية والشرعية الإخوانية في مشاريعهما المعادية للجنوب بهدف الاستيلاء على مقدراته، أحد مظاهره.
تعد حركة طالبان إحدى التنظيمات الإرهابية التي طالما تلقت دعمًا من قوى إقليمية لديها إرث قديم في دعم جماعات الإسلام السياسية متمثلة في قطر وتركيا، تحديدا وأن الأخيرة تولت نقل عناصر إرهابية تابعة لها من مدينة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة التنظيمات الإرهابية إلى أفغانستان خلال الأشهر الماضية لدعم الحركة الإرهابية، في حين أن قطر لم توقف حواراتها مع طالبان وتتعامل معها على أنها فصيل سياسي وليس تنظيمًا إرهابيًا.
وهو ما يعني أن الأطراف الداعمة لطالبان هي ذاتها الداعمة للشرعية الإخوانية والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معها، في الوقت الذي أثبت فيه الجنوب قدرته على إحباط مخططات السيطرة على العاصمة عدن بل أنه حقق انتصارا مهمًا قبل عامين حينما طرد المجاميع الإرهابية التابعة للشرعية الإخوانية، وبرهن على أن هناك قوة صلبة على الأرض لا يمكن تجاوزها، الأمر جعل الجنوب بمثابة شوكة في ظهر مخططات القوى الإقليمية المعادية.
يواجه الجنوب عدوانا ثلاثيًا من قطر وتركيا وإيران عبر الأذرع الإرهابية التابعة لكل دولة ( مليشيات الإخوان – مليشيا الحوثي الإرهابية – التنظيمات الإرهابية الأخرى)، لكنه صمد في مواجهة هذه القوى بالرغم من أن القوات المسلحة الجنوبية لا يغطيها دفاع جوي في الجبهات التي تتواجد بها، لكنها تقف حائلا أمام اختراق محافظة الضالع من جانب المليشيات الحوثية، وتحصن جبهات لحج وأبين، واستطاعت أن تحرر أرخبيل سقطرى من قبضة مليشيات الشرعية الإخوانية.
نجح الجنوب في إحباط مؤامرات تحويله إلى بؤرة فوضى لتنفيذ مشاريع الاحتلال اليمنية، وبادر المجلس الانتقالي الجنوبي بهجمات مرتدة عديدة في وجه هذه القوى ولملم صفوف الجنوب وحظي باعتراف شعبي ودولي باعتباره ممثلا عن قضية الجنوب، ولم يتوقف عن تطوير القوات المسلحة الجنوبية ودعمها بكافة السبل، ونشط دبلوماسيًا على مستويات عديدة لنصرة قضية الجنوب وفضح الممارسات الإرهابية التي يتعرض لها المواطنون الأبرياء.
كانت الشرعية الإخوانية وكذلك المليشيات الحوثية الإرهابية يعتقدان أن الجنوب سيكون لقمة سائغة لكنهم اصطدموا بقوة جنوبية صلبة على الأرض ليس على المستوى العسكري فقط ولكن على المستويات السياسية والشعبية ووجدت الشرعية الإخوانية نفسها مضطرة للتوقيع على اتفاق الرياض، وكذلك فإن العناصر المدعومة من إيران تراجعت عن تنفيذ خططها الساعية لإعادة احتلال الجنوب، وأضحى هناك عقدة لدى تلك المليشيات الإرهابية من بسالة أبناء الجنوب في الدفاع عن قضيتهم وأرضهم.
ما حدث في أفغانستان مؤخرا كشف مدى قوة الجنوب وصموده في وجه المخططات المعادية، وأثبت أنه طرف مهم في معادلة مواجهة المحور الإيراني القطري التركي بالمنطقة، ولا يمكن الاستغناء عنه لتأمين باب المندب والملاحة البحرية في البحر الأحمر، الأمر الذي يدفع لضرورة تقديم مزيد من الدعم العربي والدولي للمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية.