القوات الجنوبية تُفرمل المشروع الإخواني الحوثي
رأي المشهد العربي
كلما أقدمت الشرعية الإخوانية على تصعيد عسكري أو خدمي أو اقتصادي ضد الجنوب ظهرت تحركات موازية للمليشيات الحوثية الإرهابية، المدعومة من إيران، تحاول الاستفادة من ذلك التصعيد، ساعية لاختراق الجنوب من جبهات مختلفة لكنها تواجه بصمود جنوبي صلب يدفعها إلى التراجع، وهو ما تكرر أخيرا شمال الضالع، حيث تجدد تصعيد مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا خلال الأيام الماضية.
القوات المسلحة الجنوبية الباسلة المرابطة في قطاع بتار، استهدفت صباح اليوم الجمعة، تجمعًا لعناصر المليشيات الحوثية الإرهابية، ما أسفر عن سقوط قتلى ومصابين بين صفوفهم، بعد أن رصدت محاولة العناصر الإرهابية التسلل باتجاه مواقعها، قبل أن تباغتهم بكثافة نيرانية جنوب حبيل السماعي غربي بلدة صُبيرة، قبل أن ترد المدفعية الحوثية بقصف هستيري لتسهيل هروب مسحليها المحاصرين.
قبل هذه العملية بيومين تصدت القوات المسلحة الجنوبية لمحاولة تقدم حوثية أخرى على جبهات شمال الضالع واندلعت مواجهات عنيفة، أسفرت عن استشهاد ثلاثة من أبطال القوات الجنوبية، وهو ما يؤشر على تصعيد إخواني حوثي مشترك يستهدف الجنوب، وتوزيع أدوار لضرب الجبهة الداخلية بمساعدة مليشيات الشرعية الإخوانية، واستهداف الجبهات الخارجية بتصعيد عسكري حوثي.
التنسيق بين الشرعية الإخوانية والمليشيات الحوثية ضد الجنوب لا يعد أمرا جديدا أو مستغربًا، تحديدا على مستوى جبهة الضالع، إذ سبق أن ألقت القوات المسلحة الجنوبية القبض على عناصر تابعة لمليشيات الإخوان تقاتل في صفوف العناصر المدعومة من إيران قبل عامين تقريبًا، وفي الوقت الذي حاولت فيه الشرعية الإخوانية شن "غزو شمالي ضد الجنوب" مستهدفة الوصول إلى العاصمة عدن في مثل هذه الأيام بالعام 2019، مع تصعيد حوثي مواز على جبهة الضالع في محاولة استغلال توجه عدد من القوات الجنوبية إلى العاصمة عدن لتأمينها.
ويمكن القول إن هناك أبعادا جديدة للتصعيد الحوثي حاليا، فالمليشيات الإرهابية تسعى للاستفادة من عرقلة الشرعية الإخوانية تنفيذ اتفاق الرياض، وأدركت أن الشرعية لن تخوض أي مواجهات ضدها حتى وإن كانت هناك جهود فاعلة من التحالف العربي لتصويب سلاحها، وأنها ستبقى في مأمن بجبهات الشمال، ومن ثم فإن الوقت الحالي يبدو مناسبًا للتوجه جنوبًا.
البعد الآخر يرتبط بتفرغ مليشيات الشرعية نحو ارتكاب الانتهاكات والحروب المختلفة بحق الجنوب وتفريغ الجبهات الشمالية والدفع بعناصرها نحو محافظات الجنوب سواء كان ذلك تحت مسمى عمليات النزوح أو الزج بعناصرها الإرهابية باتجاه وادي حضرموت، وهو ما ترتب عليه هدوء جبهات مأرب بعد أن تعايش الطرفان معا، على النقيض من حالة التوتر الأمني والخدمي في حضرموت.
هناك مؤشر ثالث على التصعيد الحوثي يتعلق بإرسال الشرعية الإخوانية والعناصر المدعومة من إيران تلميحات عديدة إلى المجتمع الدولي والمبعوث الأممي الجديد - الذي ينتظر أن يقدم خطة متطورة أو يقوم بتحرك مختلف باتجاه السلام- مفادها أنهما يرفضان الوصول إلى سلام في الوقت الحالي، وأمامهما هدف أساسي يتمثل في إعادة احتلال الجنوب.