دُمية الشرعية: مخاطر قرارات هادي الأحادية
رأي المشهد العربي
تحوّل الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي إلى دمية متحركة يخضع لقوى إقليمية معادية توظفه كيف تشاء لتحقيق هدف محدد هو إطالة أمد الصراع، والسماح للمليشيات الحوثية، المدعومة من إيران، بالاستمرار في حربها لسنوات أخرى قادمة، ويظهر ذلك واضحًا من خلال قراراته التي اتخذها منذ توقيع اتفاق الرياض، وقصد من ورائها إفشاله، وتعمده إثارة المشكلات والأزمات في الجنوب للحفاظ على وجود ممرات آمنة للتعاون بين الشرعية الإخوانية ومليشيا الحوثي الإرهابية.
كان هادي أول الرافضين للتوقيع على المسودة الأولى لاتفاق الرياض، كما كان سببًا في عرقلة المباحثات التي جرت في العاصمة السعودية في شهر أكتوبر من العام 2019 قبل التوصل إلى صيغة نهائية جرى بمقتضاها التوقيع على الاتفاق.
دعّمَ هادي تجميد الاتفاق أكثر من عام ونصف العام بعد أن غضّ الطرف عن جرائم مليشيات الشرعية الإخوانية في الجنوب، وبدا أنه داعم لها من أجل خلق أمر واقع جديد في الجنوب يبدد أي محاولة لتنفيذ الاتفاق على الأرض.
جرى توظيف هادي لإفشال آلية تسريع الاتفاق التي أسفرت عن تشكيل حكومة المناصفة، إذ أنه عمد إلى اتخاذ قرارات إدارية وأمنية استهدف من خلالها تجاوز الاتفاق، والتأكيد على أن الشرعية ليس لديها الرغبة في الالتزام ببنوده، وبدأها باتخاذ جملة من القرارات المرتبطة بالقضاء المخالفة للاتفاق، وأعقبها بقرارات أمنية أخرى لإشعال بؤر فوضى جديدة في الجنوب تخدم مباشرة المليشيات الحوثية التي أحكمت سيطرتها على الشمال وتحاول أن تتمدد جنوبًا.
لا ينفصل القرار المشبوه الذي اتخذه هادي أخيرا بشأن تعيين المدعو عبدالله محمد ناجي الفرجي، قائدا للواء 19 مشاة الخاضع لسيطرة مليشيات الشرعية والمتمركز في مدينة بيحان بمحافظة شبوة وترقيته إلى رتبة عميد، دون تشاور مع المجلس الانتقالي الجنوبي عن جملة من التوجهات السياسية والعسكرية للرئيس اليمني المؤقت التي تدعم المليشيات الحوثية.
يرسل هادي بقراره الأخير إشارات واضحة للمليشيات الحوثية لدفعها نحو التقدم إلى الجنوب من جهة شبوة، دون أن تلقى مقاومة تذكر كما هو الحال في جبهات الشمال التي تم تسليمها بين ليلة وضحاها، إذ أن قراره استهدف بالأساس تمرير وصول العناصر المدعومة من إيران إلى المحافظة التي تحتلها الشرعية، وتسعى لخلق حالة شبيهة للأوضاع في محافظة تعز اليمنية التي يوجد فيها الطرفان معًا.
يعمل هادي على تقويض قدرات القوات المسلحة الجنوبية التي استطاعت أن تحرر الجنوب من المليشيات الحوثية، وحققت نجاحات عسكرية مهمة في مواجهة الشرعية الإخوانية، ويبدو أن محور الشر (القطري التركي الإيراني) الذي يسيطر على قراره عبر سلطة الإخوان يدرك أنه لا يمكن تحقيق أهداف التنسيق بين الشرعية والحوثي من دون إضعاف القدرات العسكرية للجنوب.
لعل ما يؤكد ذلك تعنت البنك المركزي التابع للشرعية بشأن صرف رواتب العسكريين الجنوبيين منذ ثمانية أشهر، إذ تتهرب الشرعية الإخوانية من التزاماتها بصرف مستحقات القوات الجنوبية لإحباطها عن مهامها في صد مليشيات الحوثي الإرهابية على الجبهات وحفظ الأمن في أنحاء الجنوب، في الوقت الذي تكثف فيه طباعة وضخ العملة المحلية في الجنوب وسحب العملة الصعبة، لتحفيز الانهيار الاقتصادي وتأزيم الواقع المعيشي.