إرهاب الحوثي يتوحش.. والمجتمع الدولي يتفرّج
رأي المشهد العربي
"شرّ البَلِية ما يُضحك".. لكنه حتمًا سيكون ضحِكا محملا بالسخرية الشديدة، ومعبرًا عن الأسى والألم والحيرة مما بلغه حال المجتمع الدولي، تتقدمه الأمم المتحدة ومؤسساتها، من عجز صارخ، وصمت مريب تجاه جرائم مليشيات الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران.
في الوقت الذي تصاعدت فيه ردود الفعل العربية الغاضبة من الهجمات الحوثية المستمرة على الجنوب والمملكة العربية السعودية، اكتفت منظمة الأمم المتحدة بإدانة هجوم مليشيا الحوثي الإرهابية على المملكة، ورفضت، على لسان متحدثها ستيفان دوجاريك، استهداف مليشيا الحوثي البنية التحتية المدنية طبقا للقانون الدولي.
تزامن مع ذلك دعوة البعثة الأممية لاتفاق وقف النار في الحديدة "أونمها" إلى "إبعاد الأعمال القتالية عن المناطق السكنية" الأمر الذي يُعلي القيم الإنسانية، ويستهدف حماية المدنيين، وهو أمر طيب، لكنه، مع الأسف الشديد، يُعدّ في الوقت نفسه تخليًّا فاضحًا عن أخص مهام البعثة المتمثلة في فرض وقف النار طبقا لاتفاق ستوكهولم.
نحن مع حماية المدنيين العزل الأبرياء والحفاظ على ممتلكاتهم، فتلك مهمة إنسانية مقدسة نجد أنفسنا شركاء في الدعوة إليها، وهي واجب قانوني ملزم للجميع، ولكننا نتعجب من أن تفتح "أونمها" ثغرة أمام المليشيات الحوثية الإرهابية بأن تسمح بالقتال، بعيدا عن المناطق السكنية، بدلا من أن تعمل على فرض وقف القتال في المناطق السكنية وغيرها بمقتضى الصلاحيات الموكولة إليها من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
بيان "أونمها" المريب لم يتعرض بالإدانة لمليشيا الحوثي الإرهابية باعتبارها الطرف المعتدي دائما، باستهداف المناطق السكنية والبنى التحتية.
اكتفى البيان بتأكيد أن القتال على مقربة من السكان المدنيين ينطوي على مخاطر جسيمة بإلحاق الضرر الذي قد يصل إلى حد انتهاك القانون الإنساني الدولي.
الدمويون أمثال مليشيات الحوثي الإرهابية يعتبرون بيان "أونمها" بهذه الصيغة "ضوءا أخضر" باستمرار إرهاب الحوثي "طالما القتال يبتعد عن المناطق السكنية".
ستمضي مليشيات الحوثي الإرهابية في جرائمها الدموية الوحشية ضد السكان الأبرياء العزل غير عابئة بدعوة "أونمها" التي لم تدرك بعد، أو لا تريد أن تدرك، أن هؤلاء المدنيين هم الهدف الأول لمليشيات الحوثي الإرهابية التي تسعى لإجبارهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم.
ولن تجد "أونمها" من الحوثيين قلوبا يفقهون بها البعد الإنساني فيما دعت إليه، أو أعينا يبصرون بها ما آل إليه الحال بأيدهم من خراب، أو آذانا تصغي إلى دعوتها، أو عقولا يتفكرون بها إلا في القتل والنهب والدمار.
إن استمرار الهجمات الإرهابية لمليشيا الحوثي الإرهابية يعكس تحديها السافر للمجتمع الدولي، واستخفافها بجميع القوانين والأعراف الدولية، الأمر الذي لا يكفي معه إصدار البيانات والتصريحات، وإنما يتطلب اتخاذ موقف فوري وحاسم لوقف هذه الأعمال العدوانية التي تستهدف المدنيين ومنازلهم ومزارعهم، والمنشآت الحيوية والمدنية وهو ما يعد دليلا متجددا على سعي هذه المليشيات لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة.
إن المجتمع الدولي مطالب بالاضطلاع بمسؤولياته من خلال إجراءات فورية ومواقف حاسمة تجبر مليشيا الحوثي الإرهابية على وقف الأعمال الإرهابية الإجرامية التي ترتكبها منتهكة كافة القوانين الدولية والقيم الإنسانية.
لم يعد أحد يقبل أن يظل المجتمع الدولي بمؤسساته الكبرى ومنظماته الفاعلة قابعا في مقاعد المتفرجين، بينما الآلاف من الأبرياء يموتون كل يوم، وغيرهم يُشردون لأن مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران لا تجد في المجتمع الدولي من يردعها.
وتظل القوات المسلحة الجنوبية متفردة بمحاصرتها مليشيا الحوثي، والتصدي لمحاولاتها التسلل إلى المواقع الجنوبية، وتكبيدها خسائر فادحة يوميا في الأرواح والعتاد، الأمر الذي يعني إذلالها، وطردها تجر أذيال الخيبة والهزيمة.