المبعوث الأممي الجديد.. أمل منتظر أم فشل متكرر؟
جاء تعيين المبعوث الأممي الجديد لليمن، السويدي هانز جروندبرج ليفتح فصلا جديدًا من تعامل الأمم المتحدة مع الأزمة الراهنة، وسط حالة من ضعف الثقة في قراراتها ومواقفها تجاه المليشيات المسلحة، سواء الحوثية المدعومة من إيران، أو مليشيات حزب الإصلاح الإخواني.
وَرِث جروندبرج تركة ثقيلة من ضعف الثقة والمعايير المزدوجة، في التعامل مع أطرف الأزمة، من أسلافه، خاصة آخرهم مارتن جريفيث الذي فشل فشلا ذريعًا في مهمته، وأدت تدخلاته في بعض الأحيان إلى تعميق الأزمة، بينما المطلوب العمل على حلها.
اللافت أنه من الناحية الإنسانية عمدت الأمم المتحدة، من خلال بعض منظماتها، إلى دعم مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية بالمساعدات الإنسانية والغذائية عبر ميناء الحديدة دون غيره من الموانئ الجنوبية، مع علمها التام بأن هذه المساعدات لا تصل إلى المواطنين، وتصل إلى عناصر المليشيا التي تبيعها في السوق السوداء، وتتكسب من ورائها ملايين الدولارات.
إذا استعرضنا مواقف مختلف القوى من المبعوث الأممي الجديد نجد أن المجلس الانتقالي الجنوبي كان أكثر الأطراف وضوحا وشجاعة وتمسكا بالجهود السلمية لحل الأزمة. رحّب بقرار الأمم المتحدة بتعيين المبعوث الأممي الجديد هانز جروندبرج خلفا للمبعوث السابق مارتن جريفيث.
وأعرب عن تطلعه للعمل معه لإنجاح جهود تحقيق عملية سلام شاملة وعادلة، تُمكن شعب الجنوب من تحقيق تطلعاته وأهدافه الوطنية وإرادته المشروعة.
أما موقف مليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، فلم يختلف كثيرًا عن تعاملها مع أسلافه الثلاثة، حيث أعلنت رفضها استقبال المبعوث الأممي الجديد بذريعة أنه لا جدوى من أي حوار قبل تحقيق مطالبها التي تشمل فتح المطارات والموانئ كأولوية.
في حين رحبت الشرعية الإخوانية بدور المبعوث الأممي الجديد، محذرة إياه من انتهاج نهج أسلافه السابقين في التعامل مع مليشيا الحوثي الإرهابية.
وهي تصريحات للاستهلاك السياسي، ذلك أن الشرعية، المهيمن عليها من حزب الإصلاح الإخواني الذي يتعاون مع مليشيا الحوثي بشكل علني، لا تريد إبعاد مليشيا الحوثي الإرهابية عن المشهد، بل تدعم وجودها لخدمة مصالحهما المشتركة، والأجندات التركية القطرية الإيرانية التي وجدت في استهداف الجنوب ملف توافق فيما بينهم.
ويرى كثير من المراقبين أنه إذا استمرت الأمم المتحدة في التعامل بالآلية التي اتبعها المبعوثون السابقون، واتباع نفس النهج فلن يجدي أي جهد يُبذل نفعا، خاصة في ظل التغيرات التي يواجهها الإقليم والتطورات السياسية على الساحة الدولية.
ويرون أن الحل يكمن في خلق وسائل ضغط عملية أكثر فاعلية وقوة، خاصة فيما يتعلق بدور مليشيا الحوثي الإرهابية وداعمها الرئيسي إيران، والعمل على تجاوز المراوغات والتسويف من قبل المليشيا وداعميها في طهران لإطالة أمد الحرب.
ومن الضروري التعامل مع الأطراف الفاعلة التي تسعى نحو السلام وترسيخه، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي، بشكل يضمن إيجاد فرصة حقيقية لتحقيق السلام، والنظر إلى القضية الجنوبية باعتبارها قضية مصير، ولا سلام بدونها، وتحقيق مطالب شعب الجنوب ورغبته الأكيدة في فك الارتباط، والتخلص من العصابات التي تحتل أرضه، وتنهب موارده، وتعمل على زعزعة أمنه واستقراره لخدمة مصالحها والأجندات الأجنبية التي تفرضها إيران وتركيا وقطر.