ابحث مع أمريكا.. وسائل الضغط على الحوثيين
رأي المشهد العربي
أثار التصريح المستفز للمتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جيرالدين جريفيث، الذي أشارت من خلاله إلى أن بلادها تبحث عن وسائل ضغط على الحوثيين، العديد من التساؤلات حول المواقف الأمريكية من الحرب الحوثية بعد سبع سنوات من اندلاعها.
أسئلة مشروعة تطرح نفسها بعد تلك التصريحات حول إذا ما كانت لدى الولايات المتحدة رغبة في تهدئة الصراع بالمنطقة أم لا؟ ومن المستفيد من مهادنة مليشيات إرهابية تعمل على ترويع الآمنين وتهدد الأمن والسلم الدوليين؟ وهل يستقيم ترك أذرع إيران التوسعية الطائفية تعبث بمقدرات المنطقة، وتنهب ثرواتها؟ بمعنى أوضح: هل تدلل أمريكا الحوثيين لمغازلة إيران؟
ليس من المعقول أو المنطقي أن تظل الولايات المتحدة تبحث عن وسائل ضغط طيلة السنوات الماضية دون أن تصل إلى وسيلة واحدة من الممكن أن تطفئ النيران الإيرانية المشتعلة بالمنطقة، بل إن الحديث عن استمرار البحث يشي بأنها غير ساعية لتوقيع أي عقوبات على العناصر المدعومة من إيران في الوقت الحالي، وأن البحث قد يستمر لسنوات أخرى.
هناك وسيلة تدركها أمريكا جيدا، وكان من الممكن أن يجري توظفيها لتضييق الخناق على المليشيات الإرهابية، لكنها ترفض تطبيقها بحجج واهية، وتتعلق بتصنيف المليشيات الحوثية على لائحة التنظيمات الإرهابية، وهو القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وسرعان ما تراجعت عنه إدارة جو بايدين بحجة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين.
بالطبع لم تتحسن أحوال المواطنين الأبرياء في تلك المناطق؛ لأن هناك عجزا في تمويل المساعدات من الأساس، ولم تتدخل الولايات المتحدة أو أي من الدول الكبرى لحله حتى الآن، وهو ما يعني أن العدول عن قرار وضعها على لائحة التنظيمات الإرهابية كان بمثابة تكتيك سياسي من الإدارة الجديدة تجاه إيران وليس الأمر متعلقًا بالمدنيين الذين يذوقون ويلات الإجرام الحوثي.
في المقابل فإن الولايات المتحدة تركت المليشيات الحوثية تمارس تصعيدها ضد المدنيين سواء كان ذلك في محافظات الشمال أو محافظات الجنوب أو بحق المملكة العربية السعودية، وطالت جرائمها الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
وبدا للبعض أن العدول عن قرار ترامب بمثابة ضوء أخضر لتصعيد جرائمها الإرهابية، وهو ما وظفته إيران جيدا بعد أن ضاعفت حجم التصعيد منذ مطلع العام الجاري بصورة ملفتة للأنظار، وبدا أن الحرب الحوثية تأخذ طريقها نحو التمدد وليس الأفول كما كان متوقعًا بعد سبع سنوات.
استغلت المليشيات الحوثية المواقف الأمريكية المهادنة لإيران، وتطمح في الوقت الحالي لتغيير المعادلة العسكرية على الأرض، وتقف القوات المسلحة الجنوبية بالمرصاد لهذا المخطط الغادر، في ظل تنسيق متصاعد بين العناصر المدعومة من إيران والشرعية الإخوانية، وهو ما يشي بأن الصمت الأمريكي المخزي جزء من تفاهمات أكبر مع قوى إقليمية معادية أخرى على رأسها قطر وتركيا.
يشير تسلسل الأحداث خلال الأيام الماضية إلى أن المجتمع الدولي لم يصل بعد إلى قناعة بشأن ضرورة إنهاء الحرب الحوثية، ويرى أن الوقت لم يحن لحل الأزمة، ومازالت هناك ترتيبات أخرى قد توظف فيها الحرب الحالية لحصد المكاسب الإقليمية هنا وهناك، ويبقى المتضرر الأول الأبرياء الذين يدفعون الثمن باهظا.