مفهوم الحرب لدى قيادات الشرعية.. متاجرة بالداخل واستثمارات بالخارج
تكشف مواقف قيادات الشرعية الإخوانية، وتعاطيها من مجريات الحرب وتطوراتها، أنها تتعامل مع الأزمة الراهنة على أنها وسيلة للاستثمار والتربح وتحقيق الثروات.ففي الوقت الذي تتمدد فيه المليشيات الحوثية على الأرض، يغرق قيادات الشرعية في سبات عميق، ويغفلون مجريات الأمور على الأرض، في تحليق بعيد عن مسار الحرب وإطارها.
حدث هذا الأمر مثلًا خلال زيارة وزير الدفاع المدعو محمد علي المقدشي، الذي كان في القاهرة، في وقت كان الحوثيون يسيطرون على الأرض ويتوسعون في جبهات عدة.
لم يقطع المقدشي زيارته ولم يعد لمتابعة تطورات الأمور ومجرياتها، لكنّه أضاف إلى تجاهله لما يحدث ما قال نشطاء إنّه كان يتفقد أملاكه لا سيّما من العقارات واستثماراته التي من بينها مصنع دواجن.
حالة المقدشي ليست فردية، لكن ما باتت تعرف بـ"شلة الشرعية" منشغلة فقط بتوسيع دائرة استثماراتها وأملاكها، واللافت أنّ هذه الممتلكات جميعها في الخارج، بما يعني بشكل واضح أنّ هؤلاء تيقنوا أن حياتهم ستكتمل في الخارج فقط، وأن عودتهم ليست مطروحة من الأساس.
استنادًا إلى ذلك، فإنّ قيادات الشرعية تتعامل مع الحرب القائمة على أنّها بمثابة ورقة استثمارية تُمكّنهم من تكوين ثروات ضخمة، تتقاطع معها العمل على نهب الموارد واستنزاف الثروات وتحويل كل الإيرادات إلى خزائنهم بالخارج.
على وجه التحديد، يُنظر إلى جنرال الإرهاب علي محسن الأحمر بأنه سمسار الحرب الأكبر الذي يشرف على جرائم نهب وسطو على صعيد واسع، ويوظّف العناصر الإخوانية على رأس المؤسسات الإدارية لتسهيل أعمال النهب على صعيد واسع، ممزوجًا بتهريب هذه الأموال والموارد للخارج.
وفيما تسبّبت جرائم التهريب في تدمير الوضع الاقتصادي بشكل كامل، فإنّ هذا الأمر فضح نوايا قيادات الشرعية التي توصف على صعيد واسع بأنها رقصت على أنقاض الضعفاء ممن فتكت بهم الحرب القائمة وما خلّفته من أعباء.
لم تكتفِ قيادات الشرعية بالتوسع في جرائم النهب والسطو لتكوين الثروات، لكنها تمادت أيضًا في تسليم الجبهات للمليشيات الحوثية، بما حمل رسالة بالغة الوضوح من قِبل قيادات هذا الفصيل بأن الحرب على المليشيات غير مدرجة بأجندة الشرعية، بينما شغلها الشاغل التربح من ورائها.
يتجلّى هذا الأمر واضحًا، في حجم الممتلكات العقارية التي تملكها يملكها إخوان الشرعية في تركيا، الداعم الأكبر لتنظيم الإخوان، فخلال عام 2020 تصدّر عناصر الشرعية المرتبة الثالثة على مستوى الدول العربية أجمع في مسابقة شراء العقارات السكنية في تركيا.
أعقبت هذه الحصيلة، إقدام تركيا على احتضان المئات من قيادات حزب الإصلاح، بما فيهم قيادات بارزة في الشرعية، أولئك الذين اختاروا الهجرة إلى تركيا وإقامة مشروعات خاصة لا سيما شراء العقارات.
رقميًّا، ارتفع عدد المنازل التي اشتراها قيادات الشرعية الإخوانية في تركيا بنسبة 536% خلال الشهور التسعة الأولى من 2019، مقارنة مع ذات الفترة من 2015، ليصل عدد المنازل التي اشتروها في تركيا إلى 1082 مقابل 170 منزلًا فقط في 2015.
من بين قيادات إخوان الشرعية، المدعوة توكل كرمان التي أسست مؤسسة مشبوهة تعني بتقديم المساعدات الإنسانية في تعز بهدف الاستحواذ على المساعدات وأموال المانحين تحت غطاء إنساني، كما اشترت عددًا من العقارات في تركيا.
مثال آخر، هو القيادي الإخواني حمود المخلافي الذي يلقب نفسه بقائد المقاومة في تعز ، فالرجل استحوذ على الكثير من الدعم المالي المقدم من أجل تحرير تعز وعلاج جرحى المقاومة لشراء عقارات فارهة في تركيا وتأسيس مشاريع خاصة به.
تكشف هذه الوقائع حجم إقدام عناصر الشرعية على التربح من وراء الحرب ومن تحت أنقاضها، بعدما اختاروا الإقامة في الخارج دون أن يشغلهم حسم الحرب على الحوثيين أو العودة لأراضيهم.