الحوثي يخنق العبدية حصارًا.. والشرعية ترقص على الأنقاض متاجرةً
في الوقت الذي تفرض فيه مليشيا الحوثي حصارًا خانقًا على مديرية العبدية بمحافظة مأرب، في محاولة للسيطرة عليها، فإنّ الشرعية الإخوانية تواصل "الرقص على سلالم الحرب"، مكتفية بالتغريد والتصريح دون أن تفعل شيئًا على الأرض للمحاصرين هناك.
المليشيات الحوثية تفرض حصارًا منذ أعدة أيام من كل أرجاء المديرية، إلا أنّها فشلت حتى الآن في السيطرة عليها، وذلك في ظل تمسّك السكان والقبائل بمناطقهم، فيما تغرق الشرعية في سبات عميق.
ونشرت المليشيات الحوثية، عناصرها المسلحة على جميع الممرات التي تؤدي إلى مديرية العبدية من أجل السيطرة عليها، ويحاول الحوثيون اختراقها من الاتجاهين الشرقي والغربي، إلا أنّ القبائل تواصل مقاومة مساعي تمدّد المليشيات الإرهابية المدعومة من إيران.
وقبل أيام، كثّفت مليشيا الحوثي، من اعتداءاتها العسكرية على مناطق تقطنها قبائل مثل بني عبد ومراد، في محاولة لاستكمال تطويق مدينة مأرب عبر السيطرة على الخط الرئيس الرابط بين شبوة ومأرب.
ولم يخلُ الحصار الشديد الذي فرضته المليشيات الحوثية على الأرض، من أعمال إرهابية استهدفت المدنيين سواء عبر إطلاق هجمات صاروخية أو قطع الطريق أمام وصول الإمدادات الغذائية والدوائية، في استهداف صارخ يعادي الإنسانية.
وهناك استراتيجية حوثية متبعة منذ اندلاع الحرب، وهي تتمثّل في فرض حصار قاسٍ على أي منطقة قبل اجتياحها، وذلك في محاولة للتنكيل بالسكان وضمان إخضاعهم بسلطة القمع والفتك التي تتبعها المليشيات المدعومة من إيران.
هذا السيناريو يطبخه الحوثيون حاليًّا في مديرية العبدية، وقد كرّرته قبل ذلك في مناطق عديدة مثل بلدتي الحيمة في محافظة تعز ومنطقة حجور في محافظة حجة، وغيرها من المناطق التي ذاقت مرارة الحصار قبل أن يلتهمها إرهاب المليشيات.
وهناك الكثير من المخاوف من أنّ نجاح المليشيات الحوثية في اجتياح العبدية سيُمكنها من قطع الكثير من المسارات الإنسانية، ما يعني قذفًا مباشرًا لأعداد كبيرة من السكان صوب آبار الأزمة الإنسانية المصنفة في الأساس بأنّها من أشد الأزمات بشاعة على مستوى العالم.
وتقول تقديرات، إنّ قرابة الـ35 ألف شخص يواجهون خطر تؤزم أوضاعهم المعيشية إذا ما تمكنت المليشيات الحوثية، من اجتياح المنطقة، وهو ربما السبب الذي دفع إلى ظهور أصوات إقليمية ودولية تندّد بالتصعيد الحوثي في مأرب.
إزاء كل هذه التطورات المتسارعة، تعيش الشرعية بمعزل عن العالم، فهي تتحمل مسؤولية مباشرة عما آلت إليه الأوضاع، وذلك بعدما انسحبت من مواقعها من الجبهات، بما في ذلك من محافظة مأرب، التي تمدّد فيها الحوثيون، بل استخدموا جسرًا للتوغل صوب الجنوب، وتحديدًا إلى شبوة وأبين.
وفيما توصف الشرعية بأنها تجيد "المتاجرة السياسية"، فقد اكتفت الشرعية بمواجهة تويترية للإرهاب الحوثي، فأكثر مسؤولي الشرعية "تغريدًا"، وهو المدعو معمر الإرياني حاول – كعادته – الانقضاض على أعباء المحاصرين والمتاجرة بها، واستلهم فكره القديم المتجدد، الذي يتضمن العمل على محاولة تبرئة ساحة الشرعية من الاتهامات الموجهة لها بأنّ تركت للمليشيات الحوثية الحبل على الغارب لتسرح على الأرض وتمرح.
تضمّنت تصريحات المدعو الإرياني وغيره من مسؤولي ورموز نظام الشرعية الإخواني سواء مسؤولين رسميين أو من يُسمونهم "مستشارين"، هجومًا على وحشية المليشيات الحوثية، وتنديدًا بالأعباء التي يخلّفها إرهاب المليشيات.
اللافت أنّه في كل مرة تحاول الشرعية الانكفاء على نفسها والعمل على تبرئة ساحتها مما يوجه إليها، فهي تتلقى مزيدًا من الانتقادات، لا سيّما أنّ الفترة الماضية قدّمت الكثير من الأدلة والبراهين على أن مواجهة الشرعية لإرهاب المليشيات الحوثية لا تعدو عن كونها مواجهة تويترية.
وتسعى الشرعية، من خلال هذه الاستراتيجية، تحقيق مكاسب سياسية وذلك لإبعاد دفة الانتقادات عنها، ودفع العالم إلى توجيه الاتهامات للمليشيات الحوثية الإرهابية.
ويبقى غرض الحوثيين من هذه الأجندة المشبوهة، هي ضمان الظهور أمام المجتمع الدولي من منطلق "المجني عليه" الذي تتكالب عليه الحرب، لكن واقع الحال أظهر غير ذلك، ولعل تسليم الجبهات وجرائم الفساد أكثر ما لفظ عن الشرعية الدعم الكبير الذي كانت تحصل عليه.