تكريم أممي لجمعية حوثية يجدد حبل الوئام بين المنظمة والمليشيات
تثير العلاقات المريبة التي تجمع بين الأمم المتحدة والمليشيات الحوثية دافعًا كبيرًا لـ"الأخيرة" للتمادي في إرهابها الذي يحرق الأخضر واليابسة، وخلّف وراءه أزمات إنسانية مهولة.
ودأبت المنظمة الدولية، التي دائمًا ما تقول إنّها حريصة على وضع حد للحرب التي طال أمدها، على الانخراط في علاقات تقارب مع المليشيات الحوثية، سواء من خلال دعم مالي أو مادي وصولًا إلى "الدعم المعنوي"، هذا إلى جانب الصمت الذي تتبعه المنظومة الدولية في التعاطي مع إرهاب المليشيات من الأساس.
يرى مراقبون أنّ التساهل الأممي وتراخي المجتمع الدولي وعدم إظهار عين حمراء "حاسمة" في مواجهة إرهاب المليشيات أمرٌ أدّى بشكل كبير، إلى تمكين المليشيات من إطالة أمد الحرب حتى وصلت إلى وضعها الراهن.
على الرغم من بياناتها وتصريحاتها وجولات مبعوثيها ورعايتها لبعض المفاوضات والمحادثات، إلا أنّ الأمم المتحدة لم تُبدِ حتى الآن أي خطوة إيجابية يمكن القول إنّها يمكن أن تسهم في إنهاء الحرب.
لم تكتفِ الأمم المتحدة بالتساهل في مواجهة الإرهاب الحوثي، لكنّ العديد من المواقف والتحركات أظهرت ما اعتبر دعمًا قدّمته المنظمة للمليشيات، وقد اتخذ هذا الدعم صنوفًا عديدة ومتنوعة.
أحدث هذا الدعم تمثّل في منح مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، جمعية تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية، جائزة تحت مزاعم رعايتها للنازحين.
في التفاصيل، أعلنت مفوضية اللاجئين تقديم جائزة نانسن لجمعية جيل البناء التي يديرها القيادي الحوثي المدعو أمين جبران الرازحي المنحدر من معقل المليشيا المدعومة من إيران في صعدة.
والمدعو أمين الرازحي قيادي حوثي، من أبناء عمومة القيادي المدعو جابر الرازجي مدير ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، وقد حصل على امتيازات من قريبه خلال تأسيسه الجمعية، وساعده في الحصول على مشاريع من مفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية.
أثار السبب الذي ساقته المنظمة الأممية نحو تكريم الجمعية الحوثية غضبًا عارمًا، فالمنظمت زعمت أنّ الجمعية تلعب دورًا في إغاثة النازحين، على الرغم من الأهوال التي صنعتها المليشيات المدعومة من إيران.
المليشيات الحوثية تسبّبت في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية بشاعة في التاريخ الحديث، ولم تقتصر على ارتكاب الجرائم التي تعقّد من أوضاع السكان بشكل كبير وتجبرهم على النزوح، لكنّ الأمر وصل إلى استهداف هؤلاء النازحين على الأرض وتحديدًا في المخيمات التي فرّوا إليها من ويلات الحرب وأهوالها.
في هذا الإطار أيضًا، دأبت المليشيات الحوثية على إنشاء جمعيات ومنظمات التابعة لها للسيطرة على الدعم المقدم من المنظمات الدولية، وهو ما أفسح المجال أمام المليشيات لتكوين ثروات ضخمة، وهو ما أدّى بدوره إلى تأزيم الوضع المعيشي للنازحين.
المآسي التي صنعها الحوثيون والتي تقابل بـ"تكريم أممي" أمرٌ يثير الكثير من الريبة في الدور الذي يُفترض أن تؤديه المنظمة الأممية في العمل على إيجاد حل للأزمة، وممارسة الضغط على الطرف الذي يرتكب عديد الجرائم، وهي المليشيات الحوثية.
ويبدي الكثيرون قلقًا كبيرًا من استمرار دعم الأمم المتحدة للمليشيات الحوثية بما يقود "الأخيرة" للتمادي في الحرب من جرّاء تعدّد صنوف الدعم على صعيد واسع، علمًا بأنّ هذا الدعم اتخذ أشكالًا شتى سواء عربات الدفع الرباعي أو الدعم المالي.