الشرعية تغتال اتفاق الرياض بالانسحاب من مأرب

الجمعة 22 أكتوبر 2021 18:05:00
testus -US

رأي المشهد العربي

لا يمكن النظر إلى انسحابات الشرعية الإخوانية من محافظة مأرب والدفع بعناصرها الإرهابية إلى محافظة المهرة بمعزل عن خططها لإفشال اتفاق الرياض لأنها بذلك تضع كلمة النهاية لإمكانية سحب مليشياتها الإرهابية من محافظات الجنوب وإعادتهم مرة أخرى إلي معقلها الرئيسي في مأرب، وفي تلك الحالة لن يكون هناك معقل بالأساس وستكون قد سلمت المحافظة للعناصر المدعومة من إيران.

كلما حقق التحالف العربي نجاحات عسكرية قوية في وجه المليشيات الحوثية ذهبت الشرعية مباشرة لتسهيل مهمة عناصر إيران للتقدم في مأرب، إذ أنها تدرك بأن تلك النجاحات تستهدف الضغط عليها للالتزام بتنفيذ بنود اتفاق الرياض ودفعها نحو سحب قواتها من الجنوب.

تستهدف الشرعية وراء خياناتها في مأرب تحقيق هدفين الأول يرتبط بتنفيذ بنود التنسيق بينها وبين مليشيات إيران والتي تتضمن تسليم الشمال في مقابل انخراط الحوثي في الجرائم الإخوانية بالجنوب، إضافة إلى محاولتها التخلص من الضغوطات الواقعة عليها لتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض والذي يتضمن سحب عناصرها من شبوة وأبين وحضرموت باتجاه المحافظات الشمالية.

تصوب الشرعية سهامها باتجاه التحالف العربي أولا بالإقدام على تلك الخيانات، لأنها بالأساس تنقض على النجاحات العسكرية المهمة التي حققها طيلة الفترة الماضية وكانت سببًا في عدم تمكن المليشيات الحوثية من السيطرة بشكل كامل على مأرب، كما أنها تستهدف إفشال جهوده الساعية لإنجاح اتفاق الرياض، بل أنها بتلك الخطوات تقوم بعملية اغتيال ممنهجة لجهود السلام التي رعتها المملكة العربية السعودية طيلة السنوات الماضية، وسيكون اتفاق الرياض بحاجة إلى معجزة لتنفيذ كافة بنوده على الأرض.

تحقق الشرعية بانسحاباتها الأخيرة من مأرب مصالح قوى إقليمية معادية ترفض تنفيذ الاتفاق على الأرض باعتباره انتصارا مهمًا للرؤية العربية والجنوبية للحل السياسي في اليمن، وتخدم الشرعية إيران في المقام الأول التي تحاول بشتى الطرق إفشاله إضافة إلى القوى المتحالفة معها وعلى رأسها قطر وتركيا، ويبدو أن الأموال التي تُصرف من الخارج على مليشيات الإخوان تدفعها للهروب من مأرب بشكل عشوائي طيلة الأيام الماضية.

وكذلك فإن الشرعية الإخوانية تهرب من الضغوط التي يمارسها عليها المجلس الانتقالي الجنوبي لتنفيذ الاتفاق بعد أن فضح أمرها مؤخرا وطالب بعودة باقي وزراءها الذين لم يمارسوا أعمالهم بعد ولم يصلوا إلى العاصمة عدن، وأجهض محاولاتها لتصدير صورة مشوشة عن التزامها ببنود الشق السياسي بعودة رئيس الحكومة معين عبدالملك إلى العاصمة عدن، في حين أن الأيام الماضية أثبتت أن عودتها بالأساس شكلية وتستهدف التخفيف من الضغوط الممارسة عليها من دون أن يكون لديها رغبة في تنفيذ بنود الاتفاق.

تسابق الشرعية الزمن لتفريغ مأرب من مليشياتها المسلحة لأنها في تلك الحالة ستجد لنفسها مبررات مقنعة بعدم سحب قواتها من محافظات الجنوب، لكنها في الوقت ذاته ستصطدم بقوة جنوبية سياسية وعسكرية سترغمها على العودة مجددا من حيث جاءت، وذلك بفعل النجاحات العسكرية المهمة التي حققها القوات المسلحة الجنوبية خلال الأسبوع الماضي، إضافة للفعالية السياسية والدبلوماسية التي أظهرها الانتقالي وانعكست على الرؤية الدولية بضرورة تمثيل قضية الجنوب في أي مفاوضات سلام مستقبلية.