زيارة أممية للعبدية تخدم أجندة المليشيات الحوثية
تُحرِّك المليشيات الحوثية، ممثلي الأمم المتحدة ومسؤوليها كدمى، بما يخفي الكثير من الحقائق في محاولة من هذا الفصيل لتبرئة ساحته من الاتهامات التي تلاحقه.
تتضح العلاقات بين الحوثيين والأمم المتحدة، في الكثير من الوقائع على مدار سنوات الحرب، ليس أقلها تقديم صنوف من الدعم للمليشيات الحوثية مثل واقعة عربات الدفع الرباعي الذي مُنحت للمليشيات تحت زعم استخدامها في إزالة الألغام.
اتخذت العلاقات بين الطرفين منحى آخر، يتعلق بما يدور حاليًّا في محافظة مأرب، وتحديدًا مديرية العبدية المحاصرة, حيث اصطحبت المليشيات منسق الشئون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد جريسلي في جولة بالمحافظة.
لم تحمل هذه الزيارة قيمة كبيرة فيما يخص رصد الأوضاع القائمة على الأرض، فالمليشيات حرّكت المنسق الأممي في جولة على أطراف المديرية، دون التوغل في أعماقها،أين يعيش السكان ظروفًا مأساوية من جرّاء الحصار القاسي الذي يفرضه الحوثيون هناك.
زيارة العبدية وتفقد أوضاعها كان يفترض أن تكون بشكل مستقل، بمعنى أنه كان من الضروري ألا تكون المليشيات هي التي تتحكم في مسار الجولة وتحدّد الخرائط الميدانية التي يتم التجول فيها.
رضوخ الأمم المتحدة غير المبرّر في إجراء هذه الزيارة التي جاءت بإلحاح حوثي منذ عدة أسابيع، يعزِّز المعلومات التي كشفت حجم العلاقات بين الجانبين.
يتعزَّز هذا الأمر بالانتقادات التي وجّهت للأمم المتحدة في وقت سابق، والتي انتهت مؤخرًا، بموافقة دول مجلس حقوق الإنسان على إنهاء تفويض محققيها، وذلك بعد اتهامهم بإصدار تقارير منحازة والتغاضي عن توثيق كافة جرائم مليشيا الحوثي، علمًا بأنّ العديد منها كانت ترقى لجرائم الحرب.
وجاء التصويت في المجلس المكون من 47 دولة ومقره جنيف، باعتراض 21 دولة بتمديد مهمة المحققين، بينما أيدته 18 دولة، وامتنعت 7 دول عن التصويت بغياب أوكرانيا.
مثّلت تلك الخطوة صفعة قوية على وجه المليشيات الحوثية، التي كانت تتطلع لاستمرار عمل فريق المراقبين لكون ذلك يمكّنها من التمادي في جرائمها البشعة دون رقيب أو حسيب.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أنّ زيارة العبدية جاءت لتوثّق من جديد، حجم النفوذ المتصاعد الذي تملكه المليشيات الحوثية في خدمة مصالحها، والتي تتضمن في أحد أوجهها العمل على التغطية على الجرائم التي ترتكبها المليشيات ضد السكان.
كما أنّ الأمم المتحدة متهمة بالتقصير والاكتفاء بإصدار تقارير توثّق أعباء السكان، لا سيّما في مديرية العبدية، لكنّ تراخيها عن مواجهة إرهاب المليشيات الحوثية دفع الأخيرة للتمادي في جرائمها التي يُنظر إليها على صعيد واسع بأنها معادية للإنسانية.