الانتصار الوحيد للشرعية.. خدمة الحوثيين والحرب على الجنوب
لطالما عرفت الشرعية الإخوانية بانتكاساتها وهزائمها على مختلف الأصعدة، سياسيًّا وعسكريًّا وحتى أخلاقيًّا، تراخت وانسحبت من مواقعها تاركة للمليشيات الحوثية سرعة التمدّد في واقع لم تكن لتحلم به المليشيات الإرهابية.
الانتصار الوحيد الذي حقّقته الشرعية هو عداؤها المسعور على الجنوب، فحزب الإصلاح استغل قبضته على مفاصل الإدارة والأمن وهيأ المجال أمام تمادي نفوذ المليشيات الحوثية ليس فقط في الشمال، لكن أيضًا في محافظات الجنوب التي أصبحت عرضة للاستهداف المتواصل من قِبل المليشيات التي تمدّدت كثيرًا في شبوة خلال الأيام الماضية.
يشير ذلك إلى حجم التكالب على الجنوب وقضيته من قِبل أعدائه، في عداء يهدف إلى زرع العراقيل أمام تمكن الجنوبيين من تحقيق حلم استعادة الدولة وفك الارتباط، باعتبار أنّ هذه الغاية الجنوبية تشكل هاجسًا مرعبًا للشرعية الإخوانية.
وفيما نجحت الشرعية بفعل خياناتها وتآمرها، في إعادة نموذج الإرهاب الحوثي للجنوب من جديد، ولا يزال هذا الخطر متصاعدًا بشكل كبير، فإنّ النظام الخاضع لسيطرة إخوانية كاملة فشل في كل الاختبارات التي خاضها بدءًا من هجوم الحوثيين في صيف 2014، وصولًا إلى تماهي نفوذ المليشيات في الوقت الحالي في مناطق عديدة ومترامية.
فشلت الشرعية اقتصاديًّا، إذ تسببت سياساتها المتعجرفة في تدمير وانهيار العملات وتعجيز القدرة الشرائية للمواطنين، بينما انشغلت القيادات الإخوانية بتضخيم ثرواتها عبر الكثير من جرائم الفساد التي ارتكبت بشكل متعاظم طوال الفترة الماضية.
واستغلت قيادات الشرعية الإخوانية نفوذها في العمل على نهب الموارد وتحويلها لصالحهم، وقد حرصوا على الانخراط في استثمارات خارجية، لا سيّما استثمارات العقارات في تركيا، وهو ما تُظهره إحصاءات رسمية تُصدرها السلطات هناك، وتكشف حجم التزايد الرهيب في ثروات الإخوان واستثماراتهم.
إنسانيًّا، فشلت الشرعية أيضًا في هذا الاختبار، إذ عملت على تأزيم الوضع الإنساني بشكل كبير وفاقمت الأعباء لا سيّما على الجنوبيين، بعدما استغلت سطوتها على مفاصل صنع القرار، وأشعلت حربًا جماعية ضد الجنوبيين.
على الصعيد الدولي، فشلت الشرعية أيضًا في أن تواصل تسويق نفسها كطرف مجني عليه، إذ اعتمدت على رسم هذه الصورة في محاولة للحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم ليس بالضرورة أن يكون سياسيًّا فقط، لكنّه تضمّن أيضًا استقطابًا لدعم مالي، ممثلًا في المساعدات التي تنهبها فيما بعد.
لم تنجح الشرعية في مواصلة هذا التسويق بعدما اتضح أمر إرهابها على الجنوب، وأنّها طرف رئيس وأساسي في الحرب على تعميق الأزمات الإنسانية في الجنوب من خلال حرب الخدمات التي تشنها وهي حرب تتناول كل قطاعات الحياة.
إزاء كل هذا الفشل الحاد، لم تنجح الشرعية إلا في حربها على الجنوب، معتمدة في ذلك على آلة عسكرية غاشمة وسلطة إدارية مثيرة للأعباء إلى جانب تنسيقها مع المليشيات الحوثية فيما يخص استقدام هذا الفصيل الإرهابي للجنوب.