حائط صد جنوبي لمواجهة الحرب الديمغرافية على أبين.. والرعب يضرب الشرعية
تعبر الحرب الديمغرافية التي تستهدف الهوية الجنوبية، أحد أخطر صنوف الحرب التي تشنها الشرعية الإخوانية مستعينة فيها بالمليشيات الحوثية الإرهابية.
أحد المشاهد الثابتة في تابوهات الحرب المستعرة هو ما تُسمى بظاهرة النزوح، إذ تتوافد عناصر شمالية من مناطق شتى صوب الجنوب بزعم أنهم فارون من مناطق الصراع، وذلك على غير الحقيقة، فقدومهم إلى محافظات الجنوب والطريقة التي يتنشرون بها على الأرض تثير الكثير من التخوفات، لا سيّما أن الأمر يتضمن صناعة تكتلات بشرية وسط المجموعات السكنية الجنوبية.
الشرعية أشهرت أسلحة الحرب الديمغرافية إلى جانب الاعتداءات التي تشنها على الجنوب، إذ تحاول ضربه بكل الصور الممكنة، ليس فقط عبر عمليات أمنية مروعة تستهدف مواطنيه ومن ثم احتلاله عسكريًّا لكن الأمر يشمل أيضًا احتلاله فكريًّا وديمغرافيًّا، في حراك يظل الأخطر على مستقبل الجنوب وقضيته.
وفيما مثّلت العاصمة عدن النقطة الأبرز في هذا الاستهداف المريع، إلا أنّ الأمر لا يقتصر عليها، فمحافظة أبين تشهد هي الأخرى منذ فترة تحشيد تكتلات بشرية إليها في مساعي لاحتلالها "بشريًّا"، ويحدث ذلك تحديدًا في منطقة الدلتا.
يحدث هذا الاستهداف من خلال عمليات تمليك وبيع مساحات شاسعة من أراضي الدلتا لمن يُطلق عليهم "نازحين"، وذلك في مسعى ممنهج لتوطينهم، بغية إحداث تغيير ديموغرافي في المحافظة.
فطنت القيادة السياسية الجنوبية المتمثلة في المجلس الانتقالي إلى مخاطر هذه الظاهرة، فبدأت التحرك على الفور، إذ وجّه الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قيادة انتقالي أبين بالاضطلاع بدورها تجاه ما تتعرض له مديريات الدلتا من محاولات لتغيير تركيبتها السكانية وبذل مزيد من الجهود لوضع حد لتلك المحاولات وكبحها.
جاء ذلك خلال لقاء الرئيس الزُبيدي مع رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس بمحافظة أبين محمد أحمد الشقي، الذي قدّم شرحًا وافيًّا عن آخر مستجدات الوضع العام في المحافظة، والتحديات التي تواجه عمل القيادة المحلية بالمحافظة، وفي مقدمتها محاولات تغيير التركيبة السكانية التي تتعرض لها مديريات الدلتا أبين.
وبشكل حازم، عبّر الرئيس الزُبيدي عن رفض قيادة المجلس لتلك المخططات التي تقف خلّفها أطراف معادية تحاول توظيف الجانب الإنساني لتحقيق أغراض سياسية خطيرة.
كما شدّد على أهمية قيام المنظمات الدولية المختصة بالنزوح بواجباتها الإنسانية تجاه النازحين، وفي مقدمة ذلك بناء مخيمات نزوح منظمة لهم، وصون هذا الواجب الإنساني من اتخاذه مدخلا لتنفيذ أجندات سياسية للاخلال بالتركيبة السكانية لمناطق دلتا أبين ونسيجها المجتمعي.
الرفض الذي عبّر عن الرئيس الزُبيدي سيكون بمثابة إقرار خطة مواجهة جنوبية حازمة وحاسمة، تتخذها القيادة المحلية للمجلس الانتقالي في أبين، على وجه السرعة، من أجل وأد هذه الحرب الشعواء التي تستهدف ضرب النسيج الجنوبي وتفتيته بشكل كامل.
على الفور، انتقل الرعب لدى معسكر الإصلاح الذي بدأ بشن حملات منظمة ضد المجلس الانتقالي، تستند إلى ادعاءات زائفة من جانب، مع محاولة بائسة لنفي تهمة الاستهداف الديمغرافي للجنوب، بما في ذلك منطقة دلتا أبين.
وحاول إعلام الإخوان رفع شعار المظلومية بأنّ العناصر الوافدة إلى أبين هم أشخاص "مغلوب على أمرهم" كما وصفوهم، لكنّ من خلال تتبع "جغرافيا" تحرك هذه العناصر يتضح أنّها قادمة من مناطق لا تشهد مواجهات عسكرية، كما أنّها تأتي بمفهوم استثماري، أي أنّها تملك قدرة شرائية اقتصادية سواء أراضي أو عقارات أو غير ذلك، وهو ما ينفي ما تردّده الشرعية بأنّ الحرب هي التي دفعت هذه العناصر للتوافد إلى الجنوب.
تحريك الشرعية لحملات الهجوم على الجنوب من جانب والدفاع عن المستوطنين وتبرير وجودهم من جانب آخر، يرى مراقبون أنّه يعكس حالة التوجس التي ضربت الإخوان جاء تخوفًا من الآليات التي سيقدم عليها المجلس الانتقالي في إطار مواجهة هذه الحرب المستعرة، لا سيّما أنّ التوجيهات صدرت من الرئيس الزُبيدي لـ"انتقالي أبين" بمواجهة هذه الظاهرة العدوانية، ما يعني أنّ الجنوب يُشكل حائط صد منيعًا في مواجهة هذا الاستهداف متعدد الأشكال.