الانتقالي شريك أساسي في رسم ملامح السلام
رأي المشهد العربي
حملت الزيارة الثانية لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانز جروندبرج، إلى العاصمة عدن ولقائه الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، جملة من الرسائل المهمة إلى الأطراف الداخلية والخارجية مفادها أن الجنوب أضحى شريك أساسي في رسم ملامح السلام في اليمن، وأن هناك ثقة دولية في قدرة الانتقالي على تحقيق توازن القوى المطلوب لوقف إطلاق النار تمهيدا لاستئناف المفاوضات.
لا يمكن فصل اللقاء المهم الذي جري اليوم الخميس بين الزُبيدي وجروندبرج عن التحركات الفاعلة لقوى إقليمية ودولية حرصت على لقاء قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة عدن أو في عواصم عربية ودولية أخرى خلال الأيام الماضية، وبدا واضحًا أن العالم يريد الإنصات لصوت الجنوب والتعرف على تجربته في دحر إرهاب القوى اليمنية المحتلة التي تعد السبب الرئيسي في إطالة أمد الصراع حتى الآن.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن هناك رغبة دولية للتعرف على تفاصيل مسببات الصراع، والبحث عن أطر موضوعية من الممكن أن تقود إلى طرح وثيقة جديدة للسلام تضمن إنهاء الحرب بشكل كامل، وإن كانت التحركات الدولية بحاجة لمزيد من الجهود لتضييق الخناق على الشرعية الإخوانية والمليشيات الحوثية الإرهابية فإن ذلك لا يمنع من وجود تقدم على مستوى يقين المجتمع الدولي من أن الجنوب لابد أن تكون له كلمة فاصلة وحاسمة تمهد البيئة لاتخاذ خطوات إيجابية على الأرض نحو السلام.
وحث الرئيس الزُبيدي خلال اللقاء على إطلاق عملية تفاوضية تعكس واقع الأطراف على الأرض، والقضايا الوطنية ومسببات الصراع، وتستجيب لقضية شعب الجنوب التي يحملها المجلس الانتقالي الجنوبي، وركزت تصريحاته على الجوانب الاقتصادية التي تشكل العامل الأبرز في الحروب التي تشن حاليًا بعد إحباط قدر كبير من المؤامرات العسكرية.
سلط الزُبيدي الضوء على إمكانية حدوث انهيار شامل جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وذهب إلى "ضرورة تنفيذ الشق الاقتصادي من اتفاق الرياض، لافتا إلى التداعيات الوخيمة لسياسة التباطؤ على الأوضاع المعيشية"، ما يبرهن على أن هناك إدراك جنوبي لطبيعة الصراع بمفهومه الشامل للأزمة الراهنة التي تتخطى حدود الأوضاع السياسية والعسكرية وأضحت ترتكز بالأساس على إفساد البيئة التي من الممكن أن تنجح فيها محاولات السلام.
أثبت المجلس الانتقالي خلال تحركاته الفاعلة على مستويات مختلفة في مواجهة إرهاب الاحتلال اليمني خلال السنوات الماضية على أنه لديه خبرات يجب على المجتمع الدولي الاستفادة منها للتعامل مع التنظيمات الإرهابية، تحديدا وأن قدراته على الأرض كانت سببًا في إرغام الشرعية التوقيع على اتفاق الرياض الذي حاولت التهرب منه بكافة السبل، وبالتالي هناك تجربة كبيرة تعطي الحق للانتقالي بأن يكون شريكًا في وضع الأطر العامة لخطط السلام المستقبلية.
يتمتع المجلس الانتقالي الجنوبي بقدر كبير من العلاقات الدولية والإقليمية المتزنة التي تجعله مؤهلا لأن يكون شريكا أساسيًا في طريق السلام الحالي والذي لم يرى النور بعد، وهو ما يؤكد على أنه نجح بشكل كبير في إفساد مخططات الحوثي والشرعية اللذان حاولا منعه من أن يكون حاضرا على مائدة المفاوضات.
وعلى الجانب الآخر، فإن نجاح أي خطط مستقبلية للسلام يتطلب تسريع وتيرة تحركات القوى الدولية الراعية للتفاوض، وعدم إضاعة مزيد من الوقت لحرمان قوى صنعاء من الاستمرار في سياسة استثمار الصراع لتحقيق مكاسب للطرفين الإخواني والحوثي.