فساد الحوثي.. سلاح المليشيات للتوغل في مفاصل القطاعات ونهش عظام السكان
تعيش المليشيات الحوثية على أثر جرائم الفساد التي توغلت في ارتكابها على مدار الفترات الماضية، بما مكّنها من تحقيق ثروات ضخمة تنفق عليها في إطالة أمد الحرب.
وإذا كانت جرائم الفساد من شأنها أن تدمر مجتمعًا مستقرًا إذا ما تفشت في بذوره، فإنّ تفاقم هذه الجرائم في بيئة منهارة أمنيًّا ومعيشيًّا من شأنه أن يثير انهيارًا اقتصاديًّا، يدفع ثمنه السكان الغارقين بين براثن معاناة غير مسبوقة، مقابل ثروات ضخمة يحققها قيادات وعناصر المليشيات.
ويجد الحوثيون من الحرب وتداعياتها العبثية وسيلة مناسبة من أجل التوسع في ارتكاب جرائم الفساد، دون أي اكتراث بمعاناة السكان القاطنين في مناطق سيطرتهم.
ولا يخلو أي قطاع يخضع لهيمنة المليشيات الحوثية من جرائم الفساد الحوثية، وانعكس هذا الأمر أيضًا على إحداث حالة من التردي المعيشي والانهيار الاقتصادي بما خلّف أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
الأكثر من ذلك أنّ فساد الحوثيين دائمًا ما يؤدي إلى حدوث خلافات تندلع بين قيادات المليشيات في إطار التصارع فيما بينها على تلقّف أكبر قدر من كعكة الحرب القاسية.
حدث ذلك مثلًا عندما أشعلت صفقة فساد كبيرة خلافات بين قيادات المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، بعد انكشاف بيع سفينة حكومية راسية في ميناء الحديدة.
وفي التفاصيل، تورط القياديان الحوثيان محمد إسحاق المعين من المليشيات رئيسا لمؤسسة موانئ البحر الأحمر ونائبه المدعو يحيى شرف الدين في صفقة بيع السفينة الحكومية فورس ون بمبلغ مليون وستمائة ألف دولار.
وأشعلت الصفقة الخلافات بين القيادات الحوثية وفق مصادر "المشهد العربي" التي قالت إنَّ القيادي الحوثي النافذ المدعو حمد حامد المكني "أبو محفوظ" والمعين من المليشيا مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية في صنعاء وجه بإلغاء عملية البيع ومنع إبحار السفينة.
وأشارت المصادر إلى أن القيادات الحوثية المعارضة للصفقة طالبت بحصتها من المبلغ الكبير وأن رفض القياديين إسحاق وشرف الدين دفع بالخلافات إلى العلن.
كشفت هذه الواقعة حجم توغُّل الفساد في معسكر المليشيات الحوثية، إلى جانب مدى تصارع قيادات هذا الفصيل على نهب الأموال بشكل غير مسبوق، وذلك بعد غرس دولة اللا قانون في مختلف المناطق التي تنشط فيها المليشيات الحوثية.
وعديدة هي جرائم الفساد التي ارتكبها الحوثيون، وقد زادت وتيرة هذه الجرائم في الفترة الأخيرة بعدما ضاق الخناق عسكريًّا على المليشيات وباتت تخشى على نفوذها في الفترة المقبلة، ومن ثم كثّفت من عملياتها.
ودأبت المليشيات الحوثية على التوسع في الاستيلاء على الممتلكات ومصادرتها وتلفيق التهم لخصومها لتبرير عمليات السطو.
في الوقت نفسه، تمارس المليشيات الحوثية من خلال شركات الصرافة والعقارات، عمليات غسل أموال تنهبها من الموارد الرسمية، ومن التمويلات الإيرانية ومن تجارة المخدرات.
جرائم الفساد الحوثية تقف وراء اضطراب سوق الصرف، وهو ما تسبَّب في تدهور قيمة الريال أمام العملات الأجنبية، وارتفاع الأسعار، فيما بلغت خسائر شركات ومحال الصرافة ملايين الريالات.