النزوح السياسي أداة بقاء الاحتلال اليمني
رأي المشهد العربي
أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي صحة تحذيراته من عمليات النزوح السياسي التي دفعت إليها قوى الاحتلال اليمني إلى محافظات الجنوب خلال السنوات الماضية، حيث بدا من الواضح أن هناك رؤية مستقبلية لأبعاد هذا النزوح تتكشف بين الحين والآخر عبر القرارات والإجراءات التي تُقدم عليها الشرعية الإخوانية وتستهدف من ورائها تغيير البيئة الديموغرافية لمحافظات الجنوب تحت شعارات إنسانية زائفة.
عبَرت حملات التوطين التي جرت خلال الأسبوع الماضي سواء في العاصمة عدن وعدد من محافظات الجنوب على رأسها لحج وأبين عن ما يمكن وصفه بالحرب الجديدة ضد الجنوب وقودها هذه المرة النازحين والعناصر الإرهابية المدفوعة من محافظات الشمال التي سلمتها الشرعية للمليشيات الحوثية الإرهابية، وكان من المهم صد تلك المحاولات والمطالبة بترحيل العناصر التي توافدت إلى الجنوب على مدار الأعوام الماضية.
برهنت الحملة الإخوانية التي جرى إطلاقها بدعم مباشر من منظمة "يونسيف" لإصدار شهادات ميلاد لأبناء النازحين اليمنيين من سن عام إلى 13 عامًا على أن هناك مساعي شمالية لخلق أمر واقع جديد في الجنوب يوفر حاضنة شعبية للاحتلال اليمني الذي يواجه بحصار شعبي جنوبي يعرقل كثيرا من المؤامرات.
هناك جملة من الأبعاد التي وضحت من وراء عمليات النزوح، على رأسها أن الاحتلال اليمني لديه رغبة في أن يدخل في حرب طويلة الأمد وأن يكون احتلاله للجنوب ليس وقتيًا بحيث من الممكن طرده عسكريًا أو سياسيًا، وأن هناك مخططات يمنية تجري بدعم إقليمي معادي للجنوب العربي من أجل إحداث مزيد من الحروب التي تكون نتائجها خلق فوضى من الممكن البناء عليها لتهديد المناطق الاستراتيجية لمحافظات الجنوب وعلى رأسها مضيق باب المندب وخليج عدن.
يسعى الاحتلال اليمني لوضع مزيد من الأشواك على طريق استعادة الدولة، تحديدا وأن المجلس الانتقالي الجنوبي أحبط كثيرا من خططه سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو العسكري، وبدت الشرعية في بحث معمق عن الوسائل التي من الممكن أن تقود لترسيخ احتلالها دون الدخول في مواجهات مباشرة تكون فيها طرفا خاسرا، وتحاول أن تحقق أهدافها في الجنوب بطرق وأساليب ملتوية يصُعب التعامل معها.
لعل ذلك ما يظهر من خلال شن حروب الخدمات والحروب الاقتصادية وافتعال أزمات العملة المحلية وخلق بيئة فوضوية في المحافظات الواقعة تحت إدارة سلطة الإخوان، والتوسع في الجبايات، ونهاية بما يمكن تسميته بـ"حرب النزوح"، ليكون كل ذلك بديلا عن الحروب العسكرية المباشرة التي تعرضت فيها لهزائم في مواجهة القوات المسلحة الجنوبية.
مما لا شك فيه فإن خطوات التوطين الأخيرة التي جاءت بالتزامن مع نجاحات سياسية ودبلوماسية حققها الانتقالي على مستوى توضيح حقيقة ما يجري في الجنوب لدوائر إقليمية عديدة وسيره على طريق مشاركته في مفاوضات الحل الشامل تشي بأن الشرعية الإخوانية أضحت أكثر إدراكا بأن الانتقالي اقترب من استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة، وبالتالي فإنها تُسَرع خطوات التوطين أملا في تغيير ديمغرافية الجنوب واستغلاله سياسيا لاحقا.