مارتن جريفيت ثم ماذا بعد ؟

د. شهاب القاضي

غادر المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، العاصمة صنعاء، الثلاثاء الموافق 5 يونيو 2018، بعد زيارة استغرقت خمسة أيام التقى خلالها قيادات مايسمى ب(سلطة الامر الواقع) اي سلطة الانقلابيين من جماعات انصار الله الحوثية وبعض القيادات المحسوبة على حزب المؤتمر . دون الوصول الى اي اتفاق بشأن عملية السلام او موضوع مدينة الحديدة . غادر غريفيت صنعاء خالي الوفاض بسبب تشدد الجماعة الحوثية ، حيث لم يحظ بحفاوة استقبال وخلال الخمسة ايام لم يستقبل من المسؤولين البارزين غير هشام شرف الذي يشغل في حكومة عبدالعزيز بن حبتور وزيرا للخارجية .
وكانت المفاجأة عشية سفره ان التقى بمهدي المشاط رئيس المكتب السياسي لجماعة انصار الله وقد تميز اللقاء بالمصارحة اي دون الخروج باي اتفاق ، بل ان المشاط املى على غريفيت مجموعة من الشروط التعجيزية فيما يتعلق بالسلام او بوضع الحديدة.

تشاؤم من بعد تفاؤل :

في احاطته الى مجلس الامن في 17 ابريل 2018 كان يبدو غريفيت متفائلا جدا بتحقيق السلام وبتعاون جميع الاطراف بما في ذلك المجموعة الانقلابية بما سمع منها من معسول الكلام اذ قال( ان مساري هو : دعونا نأخذ الكلمات الجيدة تلك ونستخدمها بنحو جيد ) لكنه وهو في طريقه الى عمان يوم الثلاثاء الماضي 5/6/2018 كان محبطا وقلقا بحسب تعبير صحيفة الحياة ، حيث أعرب غريفيث قبل مغادرته عن «قلقه من تدهور الوضع الإنساني، وإهدار الوقت في عدم العودة إلى مفاوضات الحل السياسي».وبدلا من ان يعطي لجهود السلام الشامل حقه من الاهتمام ذهب الى فتح مسارب ثانوية مثل وضع مدينة الحديدة حيث قال في مؤتمره الصحفي في مطار صنعاء عند مغادرته ( لقد سمعت من العديد من الخبراء عن قلقهم الخطير بشأن الهجوم على الحديدة والعواقب الإنسانية الكبيرة والتي يمكن تجنبها والتي قد تترتب على ذلك. أنا قلق أيضا بشأن تأثير مثل هذا الهجوم على العملية السياسية.) Office of the Sspecial Envoy of the Secretary - General for Yemen.5 Jun2018
وهو يشير بتلميح مقصود الى حادثة مقتل صالح الصماد والتي اعقبها توقف جهود المفاوضات السلمية المكثفة ، حيث رفض الحوثيون استقباله في صنعاء بعدها . وفي هذه الزيارة لم يبق عند تفاؤله السابق إذ انه لمس وضعا متغيرا حتى انه قال ( أحث الأطراف اليمنية على خلق بيئة مؤاتية لاستئناف العملية السياسية وتخفيف حدة العنف. ) فمن اين ستأتي البيئة المناسبة وقد وضع الانقلابيون كل تلك الشروط.


شروط تعجيزية :

لاجديد ، لاتقدم في المفاوضات من اجل السلام في اليمن والمبعوث الاممي في حركة مكوكية من الرياض الى سلطنة عمان الى صنعاء وهذه الاخيرة للمرة الثانية دون ان يحقق تقدما بل العكس، انهالت عليه شروط ، لاستمرار المفاوضات اشبه ماتكون بالمستحيلة في لقائه مع مهدي المشاط حيث اورد موقع العربية نت ، أن الحوثيين اشترطوا أن تتسلم الأمم المتحدة إدارة وتشغيل ميناء الحديدة، وعدم اعتراض البضائع المتجهة إلى مناطقها وإلزام الحكومة الشرعية بتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، وإيقاف الحرب وعدم استهداف مناطق جديدة تحت سيطرتها، وإلزام تحالف دعم الشرعية بإيقاف الغارات، وبدء مفاوضات سلام، مع وضع ضمانات كافية بعدم خرق وقف إطلاق النار.
كذلك اشترطوا، بحسب المصادر، عدم استهداف قياداتهم بالغارات أو غيرها، وطالبوا الأمم المتحدة بإدانة مقتل رئيس ما يسمونه بالمجلس السياسي الأعلى الصماد.
وأشارت المصادر في تصريحها إلى أن الشروط الحوثية جاءت رداً على مطالب المبعوث الأممي المقدمة للميليشيات والمطلوب تنفيذها، ومن بينها الانسحاب من الحديدة لبدء المفاوضات ووقف إطلاق النار.

الاحاطة الثانية في مجلس الامن :

بحسب رويترز 5/6/2018 ان غريفيث سيلقي بيانا أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 18 يونيو بشأن السلام في اليمن وأن "الوضع في الحديدة هو بالتأكيد أحد الأمور التي سوف يتعامل معها".
فهل الاحاطة الثانية سوف تكون مثل الاحاطة الاولى ، تلك الاحاطة التي غمرتنا بتفاؤلها؟ ففي الاحاطة الاولى قام بتحديد القوى الفاعلة في المسألة اليمنية وهي : الشرعية والانقلابيون ، والقوى الجنوبية والاحزاب السياسة والشخصيات الوطنية .وكان يتمنى ان يستجاب الى جهوده في اجراءات تعزيز الثقة بين اطراف الازمة اوبين الطرفين الرئيسيين مثل الافراج عن المعتقلين من الجانبين او فتح مطار صنعاء امام الحركة الجوية ( إحاطة المبعوث الدولي17 ابريل 2018).ولكن ظهرت للسطح مهمات جديدة تجعله يعيد التفكير في اولوياته في القضايا الرئيسةالتي تتضمن المسألة اليمنية ومنها القضية الجنوبية التي تحمل مفتاح الحرب والسلام في اليمن يقول جريفيت (وانني لم ازر الجنوب بعد ، لكنني بدأت التقي بالمجموعات الجنوبية ، كما تعلمون ، لقد احدث الصراع تغييرات رئيسية على الارض في المحافظات الجنوبية، وجعل احباطات وتطلعات الجنوبيين الطويلة الأمد اكثر وضوحا . فلن يكون هناك سلام في اليمن اذا لم نستمع ايضا الى أصوات الجنوب ونتأكد من تضمينها في الترتيبات السياسية التي تنهي الحرب. ) ( إحاطة المبعوث الدولي17 ابريل 2018) هذا ماتقوله الاحاطة الاولى ، فهل نتوقع ان يختط السيد مارتن جريفيت نهجا مغايرا في خطة السلام في الاحاطة الثانية ، نهجا لا يجعله يكرر اطروحات سابقة تجعله يدور مغمض العينين في دائرة من اليأس والقنوت والاحباط والفشل .عليه ان يعيد ترتيب الاولويات من جديد وان يمارس دوره بمؤازرة اعضاء مجلس الامن وبالذات الدول دائمة العضوية في اجتراح مبادرات سياسية عملية قابلة للتنفيذ دون ارجاء.


مقالات الكاتب