ثلاث سنوات على خيانة الشرعية في الحديدة

الاثنين 13 ديسمبر 2021 18:03:00
testus -US

رأي المشهد العربي

في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات أنقذت الشرعية الإخوانية المليشيات الحوثية الإرهابية بعد أن اختارت الذهاب للتوقيع على اتفاق ستوكهولم الذي مكَن فيما بعد العناصر المدعومة إيرانيًا من السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة الحديدة بعد أن كانت المعارك على الأرض تشير إلى قرب طردها، وهو ما كان سيعد تحولا فارقًا على مستوى الأزمة اليمنية في حال جرى قطع الإمدادات التي تصل للمليشيات عبر ميناء الحديدة.

نص اتفاق الحديدة أو "ستوكهولم" الموقع في 13 ديسمبر من العام 2018م على وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب عسكري لكافة الأطراف من محافظة الحديدة وأن تبقى المحافظة ممرا آمنا للمساعدات الإنسانية، وكذلك فإنه قضى بانسحاب المليشيات الحوثية من المدينة والموانئ المسيطرة عليها في غضون أسبوعين، وتشكيل لجنة لإعادة الانتشار والمراقبة بإشراف الأمم المتحدة.

لكن أي من تلك البنود لم يجري تنفيذه على أرض الواقع بعد ثلاث سنوات ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى المليشيات الحوثية التي استمرت في انتهاكاتها للهدنة منذ ذلك الحين، إلى جانب الشرعية الإخوانية التي لم تمارس أي ضغوط على المليشيات سواء عسكرية أو سياسية أو دبلوماسية لدفعها نحو الالتزام بما جرى التوصل إليه، وبدا واضحًا للجميع أن ما حدث في جبهة الساحل الغربي على مدار ثلاث سنوات ماضية كان برضا تام من جانب الشرعية.

اختارت الشرعية الإخوانية الذهاب إلى المفاوضات في حين كانت العديد من الأصوات الداخلية والخارجية تنادي بضرورة حسم المعركة عسكريًا وطرد العناصر المدعومة من إيران، وسوقت الشرعية من خلال أبواقها الإعلامية أنها حققت انتصارا على المليشيات في حين أنها وقعت على الاتفاق واختفت تماما من المشهد بعد أن تولت القوات المشتركة بما فيهل ألوية العمالقة الجنوبية مسؤولية مواجهة الإرهاب الحوثي طيلة السنوات الماضية.

اكتفت الشرعية بنشر "تغريدات" على لسان مسئوليها تطالب من خلالها بتنفيذ الاتفاق، لكنها لم تتخذ أي إجراء من الممكن أن يشير إلى أنها ذاتها جادة في تنفيذه على الأرض، ومازالت تتمسك ببقائه حبرا على ورق، وهو ما يشي بأنها تسعى للحفاظ على الوضعية الحالية التي تسيطر فيها المليشيات على الجزء الأكبر من المحافظة في حين أنه كان من الممكن الضغط على الحوثيين في تلك الجبهة لصالح تخفيف الضربات على مأرب.

يمكن القول بأن تطورات الأوضاع في جبهة الحديدة منذ التوقيع على اتفاق الحديدة حتى الآن يسير في إطار التعاون المشترك بين الشرعية والمليشيات الحوثية، إذ أن الشرعية حرصت على استمرار حضور المليشيات بقوة في تلك الجبهة بما يحافظ على تحقيق هدف أساسي بالنسبة لهما يتمثل في إطالة أمد الصراع.

وهناك إدراك من جانب الطرفين أنه طالما استمرت إيران في تقديم الأموال والسلاح عبر ميناء الحديدة فإن الحرب الحالية ستظل مستمرة وسيكون هناك صعوبات للضغط بشكل جدي على الحوثيين للجلوس على طاولة المفاوضات.

حقق كلا من الشرعية الإخوانية والمليشيات الحوثية الإرهابية أهدافهما من اتفاق الحديدة، وهي نفس أهداف قوى إقليمية عديدة مازالت لم تبدي جدية في إنهاء الصراع القائم، وإلى حين توفر الإرادة الدولية سيبقى الاتفاق مجرد نقطة سوداء قاد لإنعاش الإرهاب الحوثي الإيراني الذي يتضرر منه الأبرياء في الداخل والخارج.