الأخطر من حرب الخدمات
رأي المشهد العربي
مع قسوة الأزمة المعيشية المصنوعة عمدًا من قِبل ما تسمى الشرعية ضد الجنوبيين، لكنّها أزمة تبدو أقل خطرًا من تهديدات أخرى تحيط بالجنوب وقضيته تتعلق بمحاولة إقصائه من المشهد السياسي.
الأبواق الإعلامية لحزب الإصلاح الإخواني بدأت تروّج لأن المرحلة المقبلة ستشهد تسوية سياسية وتعمّدت ترويج أنباء معادية للجنوب مثل الحديث عن أن هذه التسوية لن يكون للجنوب حضور فيها.
قد يُفهم هذا الأمر في سياق رد نفسي من قِبل المليشيات الإخوانية على المعلومات التي تتردد بقوة عن قرب إجراء عملية تطهير شاملة لما تسمى بالشرعية في الفترة المقبلة، يتخوف حزب الإصلاح عن مستقبل هيمنته على نظام المؤقت المدعو عبد ربه منصور هادي.
بالتزامن مع ذلك، تسربت معلومات عن انعقاد مؤتمر في الفترة المقبلة، يستهدف التوصل إلى تسوية سياسية، وفيما لا تعرف معلومات رسمية عن هذا المسار على الأقل حتى الآن، فإنّ التخوف الأكبر يكون من خلال المساعي الإخوانية المتواصلة لتهميش الجنوب.
محاولات ما تسمى بالشرعية لتهميش الجنوب أمرٌ سيكون مثل العاصفة، إذ يتعامل الجنوب مع الأمر باعتبارها تهديدات وجودية، وهذا مستخلص في الأساس مما أعلنه المجلس الانتقالي الجنوبي في الكثير من المناسبات بأن هدفه الرئيسي والاستراتيجي هو العمل على استعادة دولة الجنوب.
إصرار الجنوبيين على التمسك بهذا الحق دفع ما تسمى بالشرعية لترد على ذلك لكن عبر مسار آخر وهو محاولة إشغال الجنوبيين لأطول فترة ممكنة بحرب الخدمات، وذلك لجعل القيادة الجنوبية منشغلة على الدوام بالعمل على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، ويستدل على ذلك بأن ما تسمى بالشرعية حرّكت كذلك أبواقها الإعلامية لمحاولة إثارة غضب الجنوبيين وشحنهم ضد القيادة السياسية، على الرغم من ما تسمى بالشرعية هي نفسها المسؤولة عن حرب الخدمات.
وبالتالي، فإنّ قصر النظر عن الانشغال بحرب الخدمات رغم أهميتها وقسوة أعبائها، سيكون أمرًا خطيرًا على مسار القضية الجنوبية باعتبار أنّ الطرف المعادي الآخر يكيد المكائد ضد الجنوبيين ويعمل على استفزازهم ليل نهار، ويخطط لتهميشهم من الساحة بشكل كامل.
الرد على الخطر هذا يستدعي حراكًا جنوبيًّا متكاملًا، فالشعب الجنوبي يلعب دورًا عبر الفعاليات الشعبية الجماهيرية الحاشدة التي يعبّر فيها عن تمسكه بحقه في استعادة دولته، وكذا المجلس الانتقالي يقود زخمًا سياسيًّا قويًّا وقد نجح بالفعل في تحقيق نقلة سياسية قوية للغاية في مسار القضية جعلت الجنوب طرفًا قويًّا يستمع له المجتمع الدولي ويعتبره جزءًا رئيسًا من الحل السياسي الشامل.