سياسات الانتقالي العاقلة.. المسار الأمثل لمجابهة التهديدات الوجودية
عبر عدوان أمني واستهداف سياسي، تشير كل التطورات القائمة على الساحة إلى أنّ ما تُعرف بالشرعية الإخوانية تستهدف إفشال اتفاق الرياض، لكنها لا تريد أن تظهر بأنها الفعل، إذ تعمد إلى محاولة جر المجلس الانتقالي دفعًا نحو إفشال هذا المسار.
وجاء الهجوم الإرهابي الذي استهدف موكب قائد الحزام الأمني في أبين العميد عبد اللطيف السيد، بالتزامن مع الطرح السياسي المقدم من حزب الإصلاح (المهيمن على دوائر صنع القرار في معسكر الشرعية) الذي استهدف تهميش الجنوب وتغييبه عن الساحة السياسية، ليبرهن أن هناك مساعي للعمل على بعثرة الأوراق على الأرض.
تريد ما تعرف بالشرعية أن يظهر المجلس الانتقالي بمشهد الطرف الذي يتحمل مسؤولية إفشال مسار اتفاق الرياض، لا سيما إذا اختار قرار الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة مع المليشيات الإخوانية المحتلة للجنوب، التي ارتكبت قدرًا كبيرًا من الاستفزازات للجنوبيين على مدار الفترات الماضية.
يحاول حزب الإصلاح أن يفقد المجلس الانتقالي حجم التقدير الكبير الذي يحظى به لدى التحالف العربي طوال الفترة الماضية، لا سيّما أنه أبدى التزامًا كاملًا بمسار الاتفاق على مدار الفترات الماضية، ولم ينجرف وراء المساعي الإخوانية المشبوهة التي سعت لإشعال اقتتال يضفي مشهدًا فوضويًّا في الجنوب.
تفاقم الإرهاب الإخواني في الجنوب دفع الكثيرين إلى مطالبة المجلس الانتقالي بالإقدام على خطوات حازمة في مواجهة التهديدات التي تمثّلها المليشيات الإخوانية، وهو أمرٌ عبّرت القوات المسلحة الجنوبية التي تعهدت بالثأر للشهداء الذين ارتقوا من جرّاء الإرهاب الآثم الذي ضرب الجنوب.
صحيح أن الدافع المحرك لهذه الأصوات قد يكون نابعًا من خوف على مسار القضية الجنوبية وحمايتها من التهديدات الخطيرة التي تلاحقها، لكن هناك أصوات تعالت بشكل منظم حاولت صناعة رأي عام في الجنوب يحرّض على الخروج عن مسار اتفاق الرياض، وهو أمرٌ برأي محللين، لن يكون في صالح قضية الجنوب.
تشابُك وتعقيدات الوضع الراهن لا يجب أن تشهد اتخاذ قرارات انفعالية، وهذا مردّه أن الجنوب منخرط في الأساس في شراكة مع التحالف العربي ولا يمكنه أن يتخلى عن هذه الشراكة باعتبار أنّ أولوية الجنوب في الوقت الحالي القضاء على المشروع الحوثي لدحر هذا الإرهاب وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار التي تدعم مسار القضية الجنوبية.
هذا الالتزام من قِبل المجلس الانتقالي الذي يقوم على سياسات منضبطة وعاقلة ورصينة، لا يعني تغافل التهديدات التي تحيط بالجنوب، لكن الأمر يشمل اتخاذ إجراءات شاملة تراعي من جانب حماية أمن الجنوب وإظهار العين الحمراء في مواجهة التهديدات الإرهابية من منطلق الدفاع عن النفس، مع الالتزام في الوقت نفسه بمسار اتفاق الرياض لأهميته الاستراتيجية في حسم الحرب على الحوثيين وكذا تقديرًا لدور وجهود التحالف في هذا الصدد.