اتزان المواقف والإبتعاد عن الإنفعالات ضرورة وطنية !

صالح شائف

لم أكن راغبا بالكتابة مرة أخرى عن مشاورات الرياض القادمة وبعد يوم واحد فقط من نشر موضوع مكرس لذات الفعالية يوم السبت ١٩/ مارس الجاري. غير أن حالة التفاعل والشد والجذب وتبادل الإتهامات بين المؤيدين للمشاركة فيها والمعارضين لذلك؛ وبين هؤلاء وأولئك هناك أطراف أخرى دخلت على الخط كعادتها؛ لتعزف على لحن الشحن والتهييج والفتنة وزيادة مسافات التباعد بين الجنوبيين المؤيدين والمعارضين؛ وهي حالة طبيعية بينهم وصحية إذا ما كانت محكومة بضوابط وطنية وقناعات ثابتة بالدفاع عن قضية شعبهم وتجنب الإستجابة لكل ما من شأنه الإضرار بها؛ ولذلك وجدت بأنه من المناسب أن نتطرق لموضوع المشاورات القادمة مرة أخرى وبغض النظر عن نجاحها أو فشلها في ذلك؛ لأن حديثنا كان منصبا بالأمس عن سلبيات وإيجابيات المشاركة فقط؛ ولذلك أرتأيت أن أضع النقاط التالية أمام المهتمين والمعنين بالأمر معا وعلى النحو التالي : ( ١ ) هناك من يرغب ولأهداف سياسية معروفة بعزل المجلس الإنتقالي الجنوبي من خلال محاولات ثنيه عن المشاركة في المشاورات؛ أو إحتساب مشاركته كفعل لا يحسب له؛ بل خطوة خاطئة تحسب عليه؛ وحشره في زاوية سياسية ضيقة وبأسم الدفاع عن القضية وهم ليسوا من أهلها أو المدافعين عنها؛ بل هم من خصومها وأعدائها وضد الجنوب وكل الجنوبيين؛ فأقنعتهم التي يلبسونها شفافة ولا يستطيعون بها إخفاء وجوههم الحقيقية ! ( ٢ ) وهناك آخرون يدفعهم القلق الوطني على الجنوب وقضيته ويخافون من أي فخ قد ينصب للجنوب في هذه المشاورات؛ وقلقهم وخوفهم هذا له ما يبرره وهو مشروع كذلك؛ ولكن مع الأسف يغلب على موقفهم هذا الطابع الإنفعالي أكثر من أي شيء آخر أو يبدو لنا كذلك؛ وكأنهم لا يفقهون شيئا في السياسة وهم أصحاب خبرة وتجربة سياسية طويلة؛ أو لا يرون بوضوح وعمق وشمولية خارطة التعقيدات والمخاطر المحدقة بالجنوب وقضيته ومن الإتجاهات الأربعة . ( ٣ ) وبالنظر لكل هذه الظروف الدقيقة فهل يمكن أن يقف الإنتقالي ضد دعوة دول مجلس التعاون مجتمعة؛ وهي المحيطة بالجنوب والأقرب إليه من كل دول العالم؛ وبغض النظر عن مخاوفنا وقلقنا من مواقف بعضها المريب من الجنوب وقضيته حاضرا ومستقبلا . ( ٤ ) ثم هل يعقل بأن تكون مشاركة الإنتقالي وحضوره المشاورات بيعا للقضية وتفريطا بحقوق الجنوب الوطنية كما يقول البعض ؟! ( ٥ ) ليس أمام الإنتقالي وبكل تأكيد غير التمسك بالدفاع عن الجنوب وقضيته وبثبات؛ لأن هذا الموقف هو الذي منحه ويمنحه شرعيته الوطنية وبقائه سياسيا مرهونا بتمسكه بهذا الموقف لا غير؛ وهو الذي أهله وطنيا لأن يكون في صدارة المدافعين عن الجنوب وقضيته؛ كما أنه في نفس الوقت غير ملزم ولن يجبره أحد على الموافقة أو التوقيع على أي صيغة للحل مالم تكن ملبية لأهداف الجنوب وحقه في إستعادة دولته الوطنية وسيادته على أرضه؛ وهنا بالضبط سيتجلى موقف الإنتقالي وتتحدد مكانته ومستقبل دوره السياسي في الخارطة الوطنية والسياسية الجنوبية . ( ٦ ) هذه المشاورات برأينا لن تكون المحطة الأخيرة في مشوار البحث عن التسوية بكل تأكيد؛ بل ربما قد تكون مدخلا مناسبا لمحطات آخرى أكثر جدية وشمولية وحسم؛ وبالتالي فإن فشلها في تحقيق الأهداف التي عقدت من أجلها أمر وارد ولأسباب وعوامل كثيرة . ( ٧ ) نعتقد بأن مجلس التعاون بهذه المبادرة والدعوة لعقد هذه المشاورات قد أراد رمي كرة الحل للأطراف اليمنية ليظهر عجزها؛ ومن ثم يبرر لنفسه إتخاذ أي خطوات بشأن الحل تنسجم ورؤيته ومصالحه؛ وبالتنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى ذات الصلة وهي كثيرة ومعروفة.

مقالات الكاتب