حرمان الجنوب من ثرواته ومنعه من استعادة دولته

كان انقلاب عام ٢٠١٤م أمراً مفاجئاً وغامضاً بالنسبة للجنوبيين؛ وفي نفس الوقت كان باعثاً على الأمل في تغيير الموقف من قضيتهم؛ والتحفيز على القيام بما تمليه الظروف المستجدة من خطوات ينتصرون فيها لمشروعهم الوطني؛ غير أنهم لم يدركوا حينها بأنه كان حدثاً مركباً بخلفياته وأبعاده وأهدافه؛ وتم الإتفاق على خطوطه العريضة مسبقاً؛ وقد كان عنوانه الأبرز والمعلن على الأقل؛ هو تغيير ( نظام الفساد العائلي ) وتولت المهمة قوى وأطراف هيأت له الظروف السياسية واللوجستية وشاركت فيه؛ وأخرى أيدته لاحقاً ونسقت مواقفها مع قياداته؛ وكان لكل منها حساباته التكتيكية؛ الآنية والمرحلية والإستراتيجية؛ ولكن لا خلاف يذكر فيما بينها بشأن الجنوب.

ولذلك فإن كل ما عاناه شعبنا من حروب متعددة الأشكال خلال سنوات ما بعد الانقلاب؛ وما يواجهه اليوم من تحديات ومخاطر ومؤامرات تستهدف قضيته ومستقبله؛ إنما هو التجسيد العملي لأهداف تلك التحالفات التي توزعت أطرافها وبذكاء وخبث شديدين ما بين ( الإنقلاب والشرعية )؛ وهي متفقة على هدفها المشترك والمتعلق ببقاء الجنوب خاضعاً لسيطرتها والتحكم بقراره ومصيره؛ لتستمر بنهب ثرواته وموارده الغنية؛ ولمنعه وبكل الطرق والوسائل من نيل حقوقه الوطنية المشروعة؛ وفي مقدمتها إستعادة دولته الوطنية الجنوبية المستقلة.

ولأن الحقائق قد أصبحت اليوم أكثر وضوحاً؛ وأفعال وممارسات تلك القوى وسياساتها المعادية للجنوب قد بلغت الحد؛ الذي لم يعد بمقدورها إخفاءها أو تبريرها؛ بل أنها تمادت كثيراً وتذهب بعيداً في كل خطواتها وقراراتها ( الشرعية )؛ ونكرر الدعوة هنا مرة أخرى؛ بأن الأمور تستوجب من شعبنا وكل قواه السياسية والوطنية والمجتمعية كذلك؛ وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي؛ على ضرورة الإقدام على خطوات إنقاذية سريعة؛ يتم بها إنقاذ حياة شعبنا مما يعانيه؛ ووضع حد لكل تلك الممارسات والسياسات التدميرية الممنهجة؛ التي تمارس تحت غطاء ( الشرعية وحكومتها ) وبأسم المشروع المناهض لسلطة ( الإنقلاب )؛ وهي الكذبة الكبرى التي فضحتها مواقفها وتفضحها الممارسة العملية منذ تسع سنوات؛ فكفى تمادياً ومكراً وخداعاً؛ وكفى صبراً ومراعاة لتحالفات لم تجلب لشعبنا غير الآلام والعذاب؛ وتهدد حياته ومستقبله الذي دفع من أجله أعظم وأنبل التضحيات.