انتقائية الهدنة
رأي المشهد العربي
تُظهر المليشيات الحوثية الإرهابية، حالة من الانتقائية الشديدة في تعاملها الخبيث مع الهدنة المعلنة من قِبل الأمم المتحدة، ويتبقى أسبوعان على انتهائها.
فانطلاق أول رحلة تجارية من مطار صنعاء للمرة الأولى منذ ست سنوات كما أعلنت وسائل إعلام عربية ودولية وهو يثير موجات تفاؤل بشأن سير الهدنة على طريق التنفيذ الجاد، إلا أنّ الأمر على الصعيد العسكري لا يشير على ذلك.
فالمليشيات الحوثية كثّفت في الأيام الماضية من عملياتها الإرهابية في الجنوب بالذات وكذا في مناطق من اليمن، بما يعكس أن هذا الفصيل المدعوم من إيران عازم على المضي قدمًا نحو إطالة أمد الحرب وجعل بوصلته موجهة ضد الجنوب وشعبه، وذلك ضمن تنسيق ومصالح مشتركة تجمع في هذا الصدد بين الحوثيين وتنظيم الإخوان.
الانتقائية التي يتعامل بها الحوثيون، ظهرت بوضوح كذلك في حجم الاستفادة الاقتصادية التي حقّقتها المليشيات من وراء الهدنة، وذلك من خلال الرواج الكبير في الحركة التجارية في ميناء الحديدة، فيما يخص نسب واردات الغذاء والوقود.
هذه الانتقائية التي تقوم بشكل كبير على مواصلة استهداف الجنوب، تعني أنّ الهدنة الأممية لم تحقّق الغرض الأساسي لها، فعلى الرغم من الالتزام الكامل من قِبل القوات المسلحة الجنوبية بالهدنة عملًا على إنجاحها منذ اليوم الأول، إلا أنّ المليشيات الحوثية لم تتوقف عن الخروقات تحديدًا في محافظة الضالع، إلى جانب المشاركة في تحريك خلايا إرهابية في أكثر من منطقة بالجنوب.
الوضع المريب على الأرض يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الهدنة، وما إذا كان بالإمكان أن تدفع المليشيات الحوثية للتوقف عن ممارساتها الإرهابية المعادية للجنوب، الذي يشهد بدوره تفاقمًا ملحوظًا في وتيرة العمليات الإرهابية التي تحوم الكثير من الأدلة حول تواطئ "حوثي - إخواني - داعشي - قاعدي" في ارتكابها.
العامل الأكثر أهمية في هذا الوضع الملتبس هو تعاطي الجنوب نفسه مع التحديات القائمة، وهنا تبدو الأمور واضحة فيما يخص التزام الجنوب باتخاذ كل الإجراءات التي تحمي أمنه واستقراره من منطلق دفاع كامل عن النفس.
الجانب الآخر من المعادلة يتوقف على حجم الضغط الذي يُمكن أن يمارسه المجتمع الدولي على المليشيات الحوثية لإجبارها على وقف العمليات الإرهابية المعادية لمسار الهدنة ومساعي التهدئة، وإلا فإن المليشيات ستكون قد فضلت خيار أن تحرق نفسها بنفسها.