استعادة الجنوب مفتاح السلام.. الحل الذي لا يحتمل التأجيل
مع توالي حجم التحديات في المنطقة من كل حدب وصوب، يبقى الخيار الرئيسي نحو تحقيق السلام والاستقرار يتمثل في استعادة دولة الجنوب، كخيار رئيسي لا يتنازل عنه المجلس الانتقالي.
الجنوب الذي يعاني شعبه من سلب أرضه ومصادرة قراره، يشهد احتلالا متواصلا منذ تسعينات القرن الماضي، وقد خلّف معاناة جثمت على الجنوبيين وخلفت من بينهم قائمة طويلة من الضحايا بين شهيد أو جريح أو على أقل تقدير مُشرَّد أو مطرود من وظيفته.
هذا الواقع المرير الذي عانى منه الجنوبيون كثيرا، كانت له انعكاسات أيضا على الوضع الإقليمي، ومدلول هذا أن أي فوضى على الأرض تُحدثها العناصر الفوضوية التي تُحركها العصابات الإرهابية فإن أنشطتها الخبيثة تمتد لتشكل تهديدا واضحا على أمن المنطقة برمتها.
مبعث هذا التهديد أن الاحتلال اليمني عندما بدأ غزوه الدامي ضد الجنوب استجلب عناصر إرهابية من أفغانستان وغرس اللبنة الأولى لتنظيم القاعدة في الجنوب ومن ثم في المنطقة، وما فتأت أن أصبحت تشكل تهديدا مروعا لأمن المنطقة بأكملها.
ومع استمرار سنوات الاحتلال الغاشم والمتواصل، بات الحل الرئيسي الذي يضمن تحقيق الاستقرار في المنطقة بأكملها هو استعادة دولة الجنوب، وأن تبسط القوات المسلحة الجنوبية سيطرتها على أراضيها بشكل كامل، وإخراج العناصر الإرهابية التي يمثل وجودها في الجنوب "طابعا احتلاليا" مهدّدا للأمن الإقليمي برمته.
ومع عِظم التحديات وتشابك قضايا المنطقة برمتها، فمن الحكمة أن الجنوبيين لم يتعجلوا في أمر استعادة دولتهم، ولم يفرضوا قرارهم ورغبتهم ومصيرهم بالقوة، لكن وفق سياسات رشيدة قادها بنجاح كبير المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي.
تطلعات شعب الجنوب الساعي نحو استعادة الدولة وُضعت بفضل تلك السياسات الحكيمة والرشيدة، ضمن مسار الحل السياسي المستقبلي، وهو أمر يُبدي المجلس الانتقالي تمسكا كاملا به، ولا يسمح بأي حال من الأحوال بأي تهميش قد تتعرض له قضية الشعب العادلة.
وتحقيق هذا الحق الجنوبي العادل لن يعود بالنفع فقط لصالح تحقيق تطلعات الشعب الصامد، لكن الأمر سيساهم في تثبيت عملية السلام في المنطقة بأكملها، وتفسير ذلك أن الجنوب يملك موقعا استراتيجيا يجعل استقراره جزءا لا يتجزأ من الأمن الإقليمي برمته.
وأحد علامات هذه الأهمية الاستراتيجية أن الجنوب يُطل على مضيق باب المندب، وهو ما يجله نقطة مهمة على مستوى الملاحة الإقليمية ومن ثم نافذة التجارة الدولية، وبالتالي فإن أي تهديدات تلاحقه ستكون لها الكثير من التبعات الخطيرة.