(شامبو) القلوب..!
محمد العولقي
* غسل اليدين بالصابون، الطريقة الوحيدة لمنع تسرب (الكوليرا) إلى الدورة الدموية، حقيقة علمية وطبية لا غبار عليها، لكن ماذا عن نظافة القلوب..؟
* مع احترامي لكل طبيب، وتقديري لكل لبيب، لا يجوز تحميل اليدين وزر تلك الأمراض التي تخل بموازين القوى في دورتي (ابن النفيس) الصغرى و(وليم هارفي) الكبرى السابحتين تحت الجلد..
* في ذلك تجنٍّ غير مرغوب لليدين دون باقي أعضاء الجسد، تذكروا أنه إذا اشتكا عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى..
* لمرض (الكوليرا) علاج ووقاية، ولمكافحته بصيرة تنسجم مع ما نلوكه من قواعد تؤكد أن النظافة من الإيمان، والوقاية خير من العلاج، لكن ماذا عن الأمراض التي تثخن القلوب وتنزع عن الإنسان صفة البني آدم..؟
* مرض (الملاريا) الذي ينتقل للإنسان عن طريق الدم حمى، وللحمى أنشد الشاعر:
وزائرتي كأن بها حياة .. فلا تزور إلا في الظلام..
* أما أمراض القلب فلا تقارن بإسهال (الكوليرا)، ولا بحمى (الملاريا)..
* الحقد الأسود.. الكراهية العمياء.. الحسد.. أمراض مستعصية تعتلي القلوب العليلة التي لا تؤمن إلا بحكاية الطمع وشعار (نفسي.. نفسي)، تلك القلوب (الشهوانية) المثخنة بدمامل النصب وأورام الاحتيال، وسرقة الأمانة في عز النهار..
* الذين تملأ قلوبهم تلك الأمراض والأدران المستعصية على الطب ألغوا حواسهم، وعطلوا ذبذبات عواطفهم، وحبسوا عقولهم في (قارورة) الشيطان الرجيم..
* تماهى إلى مسمعي أن مواطنا قتل آخر ظلما وعدوانا على خلفية (بسطة) لا تقل مساحتها عن مساحة القبر، انفعال أحمق الخطى يتبرأ منه كل ناطق بالشهادتين..
* وقرأت أن سياسيا (طحس) من مكون سياسي، فما كان منه إلا أن فتح النار على ذلك الكيان، متهما إياه بأنه كيان صهيوني مدعوم من (الموساد)، شوفوا على اختلاف!، أما أكون معكم على وجبة الكيان، أو كل واحد وخراجه..
* بلغني أن مستشفى خاصا رفض معالجة حالة طارئة دون دفع مسبق، ترى أين قسم ملائكة الرحمة..؟ وهل المستشفيات الخاصة باتت تعمل (بيزنس) لحساب عزرائيل..؟
*
ثم ماذا عن (المعلم) الذي يبيع شرف المهنة لأول مشترٍ مارٍ بمدرسته..؟
ترى أي مرض يحتل غرف قلبه عندما ينام في قاعة الامتحانات وهو يقول لطلابه: هيا غشوا بنظام.. وحسّنوا خطكم الشبيه بخربشة الدجاج..
* وقبل أن نلعن الراشي والمرتشي والرائش بنص الحديث الشريف، حري بنا أن نغسل أيدينا من (رشاوى) إفساد المجتمع، ومن شراء ذمم العباد سكان هذه البلاد، فهؤلاء المختلون عقليا وسلوكيا أعطوا قلوبهم إجازة بمرتب، وطبيعي لهؤلاء المرضى ألا يكون لهم موقع بين الأصحاء..
* أمراض القلب- يا سادة يا كرام- أخطر مليون مرة من مرض (الكوليرا)، فهي أمراض تفسد الأخلاق، وتغتال مبادئ المجتمعات، وتتسبب في هلاك الأقطار والأمصار، فلماذا نحمل (الكوليرا) و (الملاريا) فقط وزر الأوبئة الفتاكة..؟
* عجبي لمن يغسل يديه عشرين مرة في اليوم، ولا يغسل قلبه المثخن بأدران الرشاوى والحسد ولو لمرة واحدة في الشهر..!!
* اليد البطالة نجسة، هذا صحيح، لكن القلب الأسود الذي يطرح أحقاده في سوق النخاسة السوداء يبيع ويشتري في الذمم أنجس من النجاسة نفسها..
* الصدق (شامبو) القلوب، فتعالوا نغسل قلوبنا وننظفها، ونعقمها من طاعون الفساد، قبل ووسط وبعد الأكل..!