قضية شعب الجنوب في مفترق طرق تمتحن فيه الإرادات والمواقف
صالح شائف
وصلت معاناة شعبنا في الجنوب إلى درجة لا تطاق ولا تحتمل؛ ويصعب بل ومن المستحيل مواصلة الحياة العادية والطبيعية للناس في ظل أزمة عميقة مركبة وممنهجة مفتعلة؛ تهدف لتركيع شعبنا وإذلاله والحيلولة دون الإنتصار لإرادته الوطنية الحرة ولكن هيهات لهم ذلك؛ وتزداد قسوة هذه الأزمة وبشاعة فعلها الإجرامي المتجرد من كل القيام الإنسانية والأخلاقية وبشكل متصاعد؛ ولم يعد ممكناً التعايش مع هذه الأوضاع المأساوية التي وصلت إلى مستوى كارثي.
ومن هذا المنطلق ينبغي النظر لبيان هيئة رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي؛ بكونه تعبيراً عن رفضه المطلق لما وصلت إليه الأوضاع المعيشية والخدمية في الجنوب وفي كل ميادين الحياة؛ وهو ما يعني بلغة السياسة؛ بأن البيان وبما حمله من مضامين ورسائل؛ ليس بالبيان الإحتجاجي الذي يشجب ويدين ويستنكر؛ بل هو بيان له ما بعده من خطوات وإجراءات عملية ملموسة؛ وبأبعاد سياسية ووطنية وتاريخية؛ سيكون لها أثرها على حياة شعبنا ومستقبله.
فنحن لا ننظر للبيان إلا بكونه كذلك؛ أو ما ينبغي أن يكون عليه فعلاً دون زيادة أو نقصان؛ ولذلك فإن خطوات جادة لابد أن تبدأ فوراً؛ ووفقاً للأولويات الملحة وفي الحلقات والمفاصل الحاسمة والمؤثرة؛ وأي تراخي أو إنتظار لا تحكمه ضرورة قصوى مؤقتة في بعض الخطوات؛ لن يكون إلا تراجعاً غير مقنعاً في نظر الناس؛ وسيكون ذلك مبرراً للقوى والأطراف المعادية وفرصة لحشد قواها وترتيب أمورها ووضع خططها المضادة للتحرك الوطني الجنوبي.
ولذلك فإن قيادة الإنتقالي ومعها كل قيادات الجنوب الوطنية الأخرى؛ التي تقف نفس الموقف وتؤمن بحق شعبنا في إستعادة دولته الوطنية الجنوبية المستقلة؛ أمام إختبار جدي للإرادة والقناعات الوطنية؛ ففي الأزمات الحادة والمحن الوطنية الكبرى تتجلى الصفات القيادية وتختبر المواقف وصلابتها؛ وتتناغم فيها أدوات الفعل الوطني؛ وتدخل إلى ساحة المواجهة الوطنية قدرات وإمكانيات جديدة؛ وتظهر وتبرز قدرات إبداعية في مختلف الميادين؛ وهنا تمتحن كفاءة القيادات المختلفة في كيفية إدارتها وقدرتها على التعبئة والتنظيم وبالصورة المثلى والفعالة.