كلاسيكو عدن..!
محمد العولقي
* ليست هناك مناسبة أعظم من استقبال العام الهجري الجديد لدعوة جميع الفرقاء السياسيين الجنوبيين إلى إعلاء قيم التسامح والعودة إلى رأس الحكمة الشهيرة حيث رقة القلوب ولين الأفئدة..
* وطالما أننا جميعا نركض خلف العمل الصالح ونمارس العبادة للتقرب إلى الله، فليس من صالح الأعمال ولا من حسن العبادة الدعوة إلى التنابز بالألقاب والنفخ في كير الفتنة النائمة وتسميم أجواء الناس بالنعرات المناطقية التي تمزق الممزق وترفع شأن المبندق.
* مارس الجنوبيون فضيلة التسامح وتعاهدوا على رفع شأن قيم العفو والصفح والتصالح مع الذات، وهي خطوة أزعجت أنظمة سياسية ترى في الجنوب البقرة الحلوب.
* ولعل الجنوب يعيش اليوم على تضارب في التوجه العام، طرف يراعي خيار الشعب في تحديد طريقه، وفريق آخر خرج من جيب السلطة مدافعا عن توجه شخصي، إما تحت ضغط المكايدات السياسية أو تحت ضغط الحاجة للقرش الذي يلعب بحمران العيون.
* إذا كان هناك فريقان جنوبيان يستعدان لخوض (الكلاسيكو) في عدن، فالأحرى أن تكون مباراة تنافسية شريفة يطرح فيها كل طرف مبادرات تسامح مع الآخر دون الحاجة للتناحر والاقتتال الفتنوي، يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين».
* ليست هناك ثأرات قبلية تمنع الفريقين الجنوبيين من الالتقاء على مائدة الرحمن وتغليب مصلحة الجنوب على كل الانتماءات الضيقة، فالتسامح يا فرقاء الجنوب ليس ابتسامة وكلام ينطق عن الهوى، لكنه سلوك يترجم إلى واقع، فليختلف الفرقاء ليست هذه مشكلة، لكن المشكلة أن يفسد هذا الخلاف ود وقضية شعب الجنوب في لحظة طيش أو غيرة عمياء.
* هل أنتم أيها الفرقاء، وأنتم تكسرون عظام بعضكم البعض، أفضل من الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي عانى الأمرين من أهل مكة، حاولوا قتله، شردوه، زرعوا الشوك في طريقه، آذوه وحاربوه، ومع ذلك سامحهم الرسول يوم فتح مكة، عندما قال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم، أقول لكم ما قال أخي يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء.
* وفي ساحة جنوبية محتقنة سياسيا بفضل المكايدات السياسية، وكثرة من ينفخون في نار الفتن وتعدد من يغذون الدسائس والمؤامرات، لا يمكن للعنف أن ينتصر للقضية الجنوبية.
* هناك طريق واحد يفضي إلى استعادة الجنوب أرضا وإنسانا، طريق التسامح والقبول بالآخر والابتعاد عن التخوين والمشاحنات وفرملة ردود الأفعال وعدم الإساءة لأي جنوبي مهما كان حجم الاختلاف معه. على جميع الأطراف المتنازعة أن تجنح للسلام وعدم جر الجنوب إلى مطاحنات لا تبقي ولا تذر.
* إذا كان الفريقان يصران على خوض الكلاسيكو في عدن، فليكن كلاسيكو في رفع قيم التسامح والتصالح وخدمة شعب الجنوب المغلوب على أمره.
* شعب الجنوب يترقب (كلاسيكو) نظيفا وشريفا، الغلبة فيه لمن ينتصر لتطلعاته، أما إذا أصر الطرفان على خوض (كلاسيكو) تحكمه البنادق والمدافع، فالأفضل أن يلعب الفريقان هذا (الكلاسيكو) خارج عدن وأرض الجنوب، وكفى الله المؤمنين شر القتال.