التصالح والتسامح أقوى سلاح
مازن الشحيري
من أجل علاج أي مشكلة وإيجاد حلول لها يجب أولا تشخيص المشكلة، وإحدى أهم مشاكلنا هي كلمة (لو).. «لو كان التصالح والتسامح بين الجنوبيين في عام 90 لما كانت هزيمة حرب 94».. «لو لم يحصل التصالح والتسامح بين الجنوبيين في عام 2007 لما تحقق النصر لهم في عام 2015».. «لو تركنا التصالح والتسامح الآن سيضيع نصر 2015».
«لو» كلمة سنقولها بعد أي هزيمة تحصل لنا بسبب تركنا لمبدأ التصالح والتسامح، سواء أكانت الهزيمة عسكرية أو سياسية، وسنقول: لو لم نترك التصالح والتسامح بيننا لما انهزمنا مرة أخرى!!.. لو نفهم هذا الكلام لن نحتاج بعد اليوم لكلمة «لو».. ولو لم نفهم سنستمر نقول «لو» وتستمر قصة «لو» في حياة الجنوبيين.
هذه القصة هي قصة تلخص أحد أهم أسباب وربما السبب الأهم للنصر أو للهزيمة لشعبنا في الجنوب.. فمبدأ التصالح والتسامح هو السلاح الأقوى لهذا الشعب ومصدر قوة هذا الشعب إذا طُبّق قولا وفعلا، وبنفس الوقت نقطة ضعفه القاتلة إذا تحول لشعار من الذكريات التي لا يتذكرها أحد إلا بعد كل نكسة.
فعلا، من يريد الخير لهذا الشعب عليه أن يضع هذا المبدأ نصب عينيه وجعله هدفا أساسيا له يرتكز عليه في كل خطواته التي يقوم بها، وشعارا يكتب فوق كل مؤتمر أو فعالية تمهيدا ليكون شعارا للدولة يرفع في كل مؤسساتها، شعارا يردده حتى طلاب المدارس في طوابيرهم الصباحية.. شعارا يترسخ في قلوب وعقول الناس والأجيال القادمة، شعارا لأساس بناء دولتنا وللعيش فيها بكرامة وحرية، ولنجعل منه يوما وطنيا يحتفل به أبناء الشعب يوم القضاء على أهم نقطة ضعف لهذا الشعب التي سببت كل نكساته، ونحتفل بيوم تحويلها إلى أهم نقطة قوة نحمي بها أنفسنا وأجيالنا القادمة وبلادنا من كل مؤامرة والتي ستتحطم على أسوار هذا المبدأ الذي يمثل لحمة الجنوبيين كما كانت كل مؤامرة على هذا الشعب تمر من نفس هذا السور عندما يكون مفككا.. لكن قبل كل هذا علينا نحن كشعب مواطنين ونخبا وقادة أن نجسد هذا المبدأ على أرض الواقع بشكل عملي وجاد وباستمرار دون كلل ولا ملل، وعدم إهمال هذا الإنجاز الذي أنا أعتبره أهم إنجاز جنوبي تحقق، أهم من أي نصر عسكري تحقق أو سيتحقق في يوم من الأيام، وعلينا أن نعلم جميعا أن تطبيق هذا المبدأ والحفاظ عليه هو المقياس الحقيقي لوطنية أي شخص أو فئة.
أتحدث بهذا الكلام لأنني واحد من أبناء هذا الشعب وأشاهد اختفاء بريق مبدأ التصالح هذه الأيام وارتفاع صوت المناطقيين والعنصريين رغم قلتهم، والذين يستمدون قوتهم من قتل روح التصالح والتسامح بين الجنوبيين، ولن يوقفهم أو يردعهم أي شيء غير إحياء وتجسيد مبدأ التصالح والتسامح على أرض الواقع، وعدم تجاهله أو استخدامه كشعار أجوف فقط، مالم فإن كلمة (لو) وقصتها لكم بالمرصاد، ولا محالة سوف تقولونها آجلا أم عاجلا بعد كل نكسة..!