تحديد موعد انتخابات الجزائر.. صفعة للإخوان أم فرصة ذهبية ؟ (تقرير خاص)

الجمعة 18 يناير 2019 21:48:00
testus -US
شهدت الآونة الأخيرة بالجزائر جدلاً حاداً حول ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/أبريل المقبل ستقام في موعدها أم انها ستؤجل فاتحة المجال أمام تمديد عهدة الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة.
وعلى مدار الأشهر الماضية، عملت حركة مجتمع السلم "حمس"، التابعة لجماعة الإخوان في الجزائر، على تبني سيناريوهات عدة؛ بهدف منع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة، كان من بين هذه المحاولات ما سمّته بمبادرة «التوافق الوطني» التي باءت بالفشل، وآخرها مقترح تأجيل الانتخابات لمدة عام كامل، مع تمديد مشروط لـ«بوتفليقة».
وفي صباح اليوم الجمعة، بددت الرئاسة الجزائرية آمال الإخوان وأغلقت الباب حول الفتن التي يحاولون إحداثها بالساحة الجزائرية، حيث أعلنت بشكل رسمي، أن الانتخابات الرئاسية في البلاد ستجري بعد نحو 3 أشهر من الآن؛ لتقطع بذلك الطريق أمام التكنهات التي أشارت إلى احتمال تأجيلها، وتنهي آمال الإخوان الساعين إلى التحكم في المشهد السياسي بالجزائر؛ إذ ذكرت الرئاسة في بيان أن الانتخابات ستجري يوم 18 أبريل المقبل، ولا نية لتأجليها.
وجاء البيان الرئاسي عقب أيام من الإعلان عن لقاء جمع بين شقيق «بوتفليقة» وعبدالرزاق مقري، رئيس «حمس»؛ إذ زعم «مقري» أن عائلة الرئيس تخشى على سلامتهم مما يمكن أن يسببه الانتقال المباغت للسلطة لجهة أخرى، وأن بوتفليقة غير مستعد لأن تنتقل صلاحيات رئاسية ضخمة منحها لنفسه أثناء قوته لشخص آخر، وأنه يرفض ذلك.
من جانبه قال السياسي الجزائري أشرف بشلاق، في تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، إن الساحة السياسية الجزائرية في الوقت الحالي تشهد تردد أسماء مرشحين لخلافة بوتفليقة أبرزهم نائب وزير الدفاع، قائد الأركان القايد صالح، خصوصا وأنه يملك القوة التي ترجح كفته، بصفته قائدا للمؤسسة العسكرية.
وأشار بشلاق، إلى أن ترشح صالح أو شخص محسوب عليه يضمن له الجلوس على مقعد بوتفليقة، وفي الوقت الحالي أبرز المحسوبين على قائد الأركان هوعبد المالك سلال رئيس الحكومة السابق.
وأضاف أن الشخصية الثانية المرشحة لخلافة بوتفليقة، بعد صالح وسلال، هو رئيس المخابرات السابق محمد مدين، إضافة إلى عبد الغاني هامل المدير العام للأمن الوطني بالجزائر السابق.
وأشار إلى أنه بجانب فرص الجنرالات العسكريين الحاليين والمتقاعدين في الترشح، يأتي السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الحالي ومستشاره على رأس قائمة المرشحين المدنيين الذين يتردد إسمهم في الساحة السياسية الجزائرية، ويأتي بعده الشخصيات المحسوبة عليه، مثل وزير الدولة والمستشار الخاص لبوتفليقة، الطيب بلعيز، أو وزير العدل الطيب لوح، ويأتي بعدهم بحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة سطيف، رئيس الحكومة الحالي أحمد أويحيى، وبعده شكيب خليل وزير الطاقة السابق.
وأشار الخبير الجزائري إلى أن رؤساء الحكومات الجزائرية السابقة، مثل مولود حمروش، وبن بيتور أحمد، وأحمد بن فليس من المطروح أسمائهم أيضا للترشح للرئاسة خلفا لبوتفليقة في الوقت الحالي.
وقال السياسي الجزائري أشرف بشلاق، أنه بصفة شخصية يرى أن العسكر لا يجب أن يتدخلوا في الشأن السياسي، وأن ذلك من شأنه إضعاف الجيش، وأن كل التجارب السابقة التي تدخل فيها العسكر في السياسة أثبتت محدودية هذا الخيار ونتائجه الوخيمة.
 ونقلت تقارير صحفية جزائرية عن «مقري» قوله: إن تأجيل الانتخابات هي الطريق الوحيد لإنهاء حكم بوتفليقة، وليكون ذلك في إطار سلس ودون أي مساس بالاستقرار، ولأنه الخيار الأقل سوءًا، لإبعاد سيناريوهات خطيرة، مشيرًا إلى أن الرئاسة تفاعلت إيجابيًّا مع مقترح التأجيل؛ لأنه يمنحها منفذًا، في ظل اقتناعها بصعوبة قبول الرأي العام المحلي والدولي للولاية الخامسة، وتدهور الوضع الصحي للرئيس، مقارنة بما كان عليه في 2014، وعدم قدرته على تحمل أعباء الحكم في ظل معارضة ستكون أكثر شراسة وأوضاع اجتماعية غير مساعدة.
ومن قبل تضاربت تصريحات رئيس «حمس» حول موقف إخوان الجزائر في حال ترشح «بوتفليقة» لولاية جديدة؛ إذ قال: إن الحركة ستنسحب من الانتخابات، ثم تراجع عن موقفه وشدد على أنه إذا فشلت الأحزاب في التوافق على مرشح، ستضطر «حمس» إلى الإعلان عن مرشحها.
وبرر مقري دفاعه عن فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية، بأنها الطريق الوحيد لإنهاء حكم بوتفليقة، وليكون ذلك في إطار سلس ودون أي مساس بالاستقرار، ولأنه الخيار الأقل سوءا، لإبعاد سيناريوهات خطيرة، مشيرا إلى أن الرئاسة تفاعلت إيجابيا مع مقترح التأجيل، لأنه يمنحها منفذا، في ظل اقتناعها بصعوبة قبول الرأي العام المحلي والدولي للولاية الخامسة، وتدهور الوضع الصحي للرئيس مقارنة بما كان عليه في 2014، وعدم قدرته على تحمل أعباء الحكم في ظل معارضة ستكون أكثر شراسة وأوضاع اجتماعية غير مساعدة.
وشدد عبد الرزاق مقري على أن عائلة الرئيس تخشى على سلامتها مما يمكن أن يسببه الانتقال المباغت للسلطة لجهة أخرى، وأن بوتفليقة غير مستعد لأن تنتقل صلاحيات رئاسية ضخمة منحها لنفسه أثناء قوته لشخص آخر، وأنه يرفض ذلك.
وقال حزب “التحالف الوطني الجمهوري” بقيادة وزير الجالية السابق، بلقاسم ساحلي، إنه “يرحب بقرار الرئيس الجزائري بشأن دعوة الهيئة الناخبة”، مضيفًا في بيان اليوم الجمعة، أن “الحزب يُثمن حرص الرئيس على تعزيز البناء المؤسساتي للدولة، وتعميق المسار الديمقراطي”.
وتابع الحزب أن “الموعد الرئاسي يجب أن يكون فرصة للحفاظ على المكاسب المحققة وتصويب مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك تعميق الإصلاحات في كنف العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني”.
واعتبر المرشح الرئاسي ورئيس “جبهة المستقبل” عبد العزيز بلعيد اليوم الجمعة، أن دعوة الهيئة الناخبة وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها “شيء طبيعي ولا يستحق التعليق، ولكن الأهم من كل ذلك هو مدى قدرة الإدارة على تنظيم انتخابات رئاسية تعددية ونزيهة يكون فيها الخيار للشعب دون غيره”.
جاهزية وشكوك
وقال المرشح الرئاسي السابق، عبد الله جاب الله، ورئيس جبهة العدالة والتنمية، إن الأهم من دعوة بوتفليقة هو “توفير شروط النزاهة وحرية الانتخابات، وكذلك توفير الضمانات التي تحمي حق الأمة في اختيارها”.
ودعا جاب الله في لقاء حزبي في الجزائر العاصمة اليوم الجمعة، إلى “سحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية”، منتقدًا بشدة دور هيئة الانتخابات في تشكيلتها الحالية، واعتبرها “لا تشجع على خوض الانتخابات بقدر ما تزيد من فرص تزويرها”، وفق تعبيره.
وأعلن وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، أن “الإدارة جاهزة لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ جرى التحضير لها بكل الإمكانيات البشرية والمادية”، وفق تصريحات صحفية بثتها اليوم الإذاعة الحكومية الرسمية.
وشدد الوزير على أن السلطات قامت بـ”تطهير شامل” للقوائم الانتخابية، وذلك بواسطة التكنولوجيا الحديثة عبر كامل التراب الوطني، كما أن “الدولة معتادة على إجراء مواعيد انتخابية عديدة، ووزارة الداخلية تتعهد بذلك بالتعاون مع الأحزاب والهيئة العليا المستقلة للانتخابات”.
وقضى بوتفليقة قرابة 20 عامًا في القصر الرئاسي، وخلال انتخابات 2014 رفض التنحّي استجابةً لمطالب معارضيه، ويتعرض حاليًا لضغوط أخرى تخص مسألة إعادة الترشح، أمام غموضٍ يربك الأحزاب الموالية والمعارضة على حد سواء.