تعليقا على قرار الحكومة بفحص تقارير البنك المركزي
اقتصاديون :الثقة المصرفية معدومة..والفساد يفوق الإصلاحات العفوية
الأحد 27 يناير 2019 12:22:00
يبدو أن الحكومة اليمنية أدركت مؤخراً خطورة التدهور السريع في سوق المال؛ الأمر الذي دفعها للهرولة في اتجاهات متعددة كان أبرزها تكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالقيام بعملية مراجعة وفحص تقارير البنك المركزي اليمني.
وينفذ فريق من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، حالياً، توجيهات رئيس الوزراء معين عبدالملك، من خلال القيام بعملية مراجعة ودراسة تقارير البنك المتعلقة بالاعتمادات المستندية للسلع الأساسية.
توجيهات رئيس الوزراء جاءت عقب أيام من كشف رئيس اللجنة الاقتصادية، حافظ معياد، عن "فساد"- على حد وصفه - من خلال المضاربة بالعملة وصل إلى نحو 9 مليارات ريال خلال شهر فقط.
من جهته حاول البنك المركزي اليمني؛ التأكيد على نزاهته وعدم تورط أيا من قياداته في أي تلاعب بأسعار صرف الريال اليمني أمام العملات الأخرى خاصة بعدما أثير عليه من عمليات فساد.
وحاول "المشهد العربي" التواصل مع إدارة البنك المركزي والتي أفادت بأنها تمتنع عن التعليق مكتفية بما تم نشره عبر الوكالة الرسمية للدولة.
وكان رئيس مجلس إدارة البنك المركزي اليمني قال في بيان نشرته وكالة الأنباء (سبأ)، إنه يتخذ إجراءاته وصلاحياته وفقاً للقانون، بهدف الوصول إلى أحد أهم أهداف البنك وهو تحقيق نوع من الاستقرار الاقتصادي.
وطالب مواطنون ومهتمون بالشأن المصرفي الحكومة بسرعة كشف نتائج التحقيق والمتسبب بالتلاعب بسعر الصرف وشبهات الفساد التي حامت حول قيادات ومسؤولين في البنك المركزي اليمني.
وأضافوا بتعليقاتهم لـ"لمشهد العربي"،: " يجب أن لا يكون مصير نتائج التحقيق من قبل الجهاز كسابقة التستر والإخفاء خاصة وأن القضية كبيرة التحقيق بـ"9مليار ريال يمني سرقت بأقل من شهر كانت كفيلة بإنقاذ أرواح اليمينين وخاصة ممن انتحروا بسبب الفقر والجوع وانقطاع المرتبات طيلة السنوات الثلاث".
وقال المواطنون في تصريحات خاصة لـ"المشهد العربي"،:" ما تم الكشف عنه من قبل اللجنة الاقتصادية والتي هى على صلة مباشرة برئاسة الجمهورية يؤكد مسلسل الفساد بأورقة حكومة".
فيما قال آخرون لـ"المشهد العربي"،:" لا نستغرب ظهور أمثال هذه القضايا خاصة وكلنا يعلم أن رئيس الوزراء السابق أحيل للتحقيق لقضايا فساد فأين الغرابة أن يحال هذه المرة محافظ البنك؟!".
من جهته اعتبر الأكاديمي بجامعة عدن الدكتور صالح الوجيه :" إن إقدام رئيس الوزراء على إجراء كهذا تعد خطوة متقدمة في مكافحة الفساد تساعد على وضع خطوة أولى في طريق وعرة، وأن الشك بالفساد هو المرجعية التي دفعت رئيس الوزراء إلى توجيه الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالقيام بعملية مراجعة وفحص تقارير البنك المركزي .
وقال في تصريح خاص لـ"المشهد العربي":" إن رئيس الوزراء جاء متحمس ويحرص على نجاح مشروعة عن طريق إصلاح المنظومة المالية بداية من البنك المركزي ولكنه وصل في اعتقادي إلى نتيجة عكس ما كان يتوقع فهناك ممارسات خاطئة تحول دون تحقيق ما جاء من أجله".
وأشار الوجيه إلى أن أول مراحل الفساد قد أعلنها رئيس الوزراء وهي بداية لوضع يده على المواقع التي غالبا ما يقع فيها الفساد.
وحول ما إن كان الإجراء الذي أقدم عليه رئيس الوزراء يعد إقراراً بإخفاق البنك على إدارة الأزمة الاقتصادية أم لا قال الوجيه: اعتقد أن هناك فرق بين الإخفاق والفساد لأن الإخفاق في إدارة الأزمة الاقتصادية محكوم بظروف قاهرة حالت دون الوصول إلى المطلوب وعندما كان الواجب على رئيس الوزراء أن يبحث عن استراتيجية جديدة تدعم البنك في تجاوز الأزمة لكن الأمر غير ذلك فقد ذهب رئيس الوزراء إلى توجيه الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في خطوة لمكافحة الفساد في البنك ومن جهة رقابية نأمل أن نرى تقريرها".
وأنهى الوجيه تصريحاته قائلاً:" إن الثقة المالية والمصرفية ستظل معدومة مادامت الإصلاحات عفوية وارتجالية ومصدرها القرار السياسي"، مشيراً إلى أن الفساد في اليمن منظومة توازي أو تفوق ما يتخذ من إجراءات جزئية سواء في طباعة عملة ورقية جيدة أو حتى بسحب نسب الودائع فكلها إجراءات هزيلة وغير حكيمة أن لم تفعل مبادئ المحاسبة.
من جهته وصف مدير عام إدارة مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور محمود محمد صالح جباري إجراء رئيس الوزراء بالتوجيه للرقابة والمحاسبة المركزي بالتحقق من اتهام رئيس اللجنة الاقتصادية بالمضاربة بالعملة من قبل البنك المركزي أمر سليم.
وقال جباري لـ"المشهد العربي"،:" كان من الضروري أن يتفاعل معها رئيس الوزراء لكون الرسالة موجهه له، وكذلك تهز الانجاز الذي يعتقد أنه أنجزه بعد تعيينه والمتمثل باستقرار العملة الوطنية بعد تحسن سعر صرفها أمام العملات الأجنبية.
وأشار جباري إلى أن الأزمة الأخيرة تثبت مستوى الخلاف الذي وصل إليه بين اللجنة الاقتصادية الممثلة برئيسها حافظ معياد، ومحافظ البنك المركزي محمد الزمام، ولأكثر تأكيدا لما نشر سيكون تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يبين تلك الاتهامات.
واستنكر الجباري إجراء رئيس اللجنة الاقتصادية وأنه كان ينبغي تداول التقرير مع الأجهزة الرقابية، سيما أن سعر الصرف يتأثر إلى حد كبير بالعوامل النفسية، التي أثر عليها تقرير اللجنة الاقتصادية، مع استمرا البنك المركزي فتح الاعتمادات لاستيراد المواد الخمس الأساسية من الوديعة السعودية والمحددة ب2مليار دولار، و200 مليون دولار، و60 مليون دولار شهريا لقطاع الكهرباء، والجميل إعلان المركزي استمراره صرف الدولار بـ440 ريالا/دولارا، لاستيراد من المنحة السعودية.
بدوره انتقد الخبير المصرفي الدكتور يوسف سعيد أحمد تسرب تقرير اللجنة الاقتصادية خارج الجهات الرسمية، وعلى اللجنة أن تناقش الأمر مع الجهات العليا والمعنيين؛ وأن تسلم أي بيانات ومعلومات للجهات الرقابية، مشيراً إلى أن التقرير أسهم بتوجيه صدمة للسوق المحلي.
وأضاف لـ"المشهد العربي"، :" تمثلت الصدمة للسوق المحلي بفقد الريال 10% تقريبا من قيمته التبادلية مع الدولار خلال يومين الماضين، على الرغم من انعدام الدوافع الاقتصادية المؤثرة التي أدت إلى ارتفاع الطلب على الدولار.
وشدد على الحكومة والسلطة النقدية إعادة أسعار الصرف إلى مستوياتها السابقة؛ مستبعداً أن يستمر تحرك سعر الصرف إلى الأعلى مع غياب الدوافع الاقتصادية التي قد تضغط باتجاه ارتفاع الطلب على الدولار".
ونبه إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة، تبدأ بالنزول الميداني إلى محلات وشركات الصرافة للتأكد من سلامة عملها والعمل على تنفيذ القانون، وتوقيف المحلات والشركات المضاربة بسعر الصرف، وعقد لقاءات واجتماعات متتالية مع مختلف الجهات التجارية والمالية المتعاملة في سوق الصرف وإصدار المزيد من البيانات والتوضيحات من البنك المركزي الهادفة لطمأنة وتهدئة قلق المتعاملين في سوق الصرف الأجنبي.
كما شدد على ضرورة الاستمرار في تفعيل عمليات الاعتمادات المستندية للبنك المركزي والإعلان بشكل مستمر عن كل عملية من عملياته، وقيام وزارة التجارة والصناعة بمراقبة الأسعار وإبلاغ تجار الجملة والتجزئة على عدم عقلانية الأسعار التي فرضوها على أسعار المستهلكين واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
الدكتور محمود محمد جباري مدير عام برئاسة الجمهورية
الدكتور صالح الوجيه أستاذ اقتصاد بجامعة عدن
الدكتور يوسف سعيد أحمد - خبير مصرفي