أخي الجنوبي .. هل تستطيع أن ترتقي بفكرك
أحمد سعيد كرامة
نعم عدم مواكبة التطورات ومجارات الأحداث وفهمها لتجييرها في خدمة الوطن وقضية شعبه يعتبر إنتكاسة كبرى , وعدم إدارة الأزمات بطريقة عصرية وبعقلانية للخروج منها بسلام أو بأقل التكاليف والخسائر يعتبر فشل كبير وإهدار لفرص ذهبية قد لا تأتي مرة أخرى ولا يمكن تعويضعها .
بصراحة تامة لم نكن نتوقع أن يأتينا الجنوب على طبق من ذهب وبهذه السرعة , ولكن حدث ذلك بمشيئة الله عز وجل ثم بدعم من أشقائنا بدولة الإمارات العربية المتحدة .
وتركزت أفكارنا وخططنا وبرامجنا على المهرجانات والفعاليات الجماهيرية وتنظيم المليونيات والعودة مجددا إلى مربع رقم 1 , وكانت تلك الفعاليات مواكبة للقدرات والإمكانيات والمرحلة التي نعيشها , اليوم يختلف عن الامس ونريد من يأخذ بيدنا لننطلق إلى المربع رقم 2 وهو مربع البحث عن رجال الدولة لنسلمهم الوطن وشعبه ليلتحقوا بركب التقدم والازدهار والرقي .
كان التركيز على القادة الميدانيين ومحترفي الخطب والهتافات وإلقاء القصائد الحماسية لان المرحلة السابقة كانت تتطلب ذلك , ويشكر كل أولئك القادة والزعماء على ما قدموه من تضحيات جسام من أجل قضية شعبهم ووطنهم , ولم يكن في السابق التركيز على البحث عن كوادر مؤهلة علميا وعمليا لقيادة الدولة الجنوبية الحديثة كون المرحلة كانت ثورية بحثه .
أما هذه المرحلة تختلف تماما عن المرحلة الثورية فالشعب أصبح يمتلك خيراته وأرضه رغم سيطرة رجال الدولة العميقة على مفاصل الدولة في الجنوب وإختلاق الأزمات و المؤمرات لعرقلة المشروع الجنوبي .
ولأننا لم نكن نتوقع أن يأتي إلينا الجنوب ومقدراته وثرواته بلحظة ودفعة واحدة , أصبحنا نعيش حالة من الانفصام بالشخصية ورفض للواقع وإستجرار للماضي وكأن عجلة التأريخ قد توقفت تماما , لحد هذه اللحظة لم نستطيع عمل قاعدة بيانات للجنوبيين لمعرفة كم لدينا من كوادر مؤهلة في الجوانب الفنية والإدارية والعسكرية للاستفادة منهم , بل ومصرين على تقليد وتكليف وتعيين أهل الثقة من ذوي القربى و الأقربون حتى لو كانوا فاشلين ويدفع الوطن والمواطن ثمن ذلك الفشل المريع .
البعض كان يتوقع كفاح مسلح قد يصل لعقود من الزمن أو لنصف قرن حتى يلتفت المجمتع الدولي لمطالبنا أولا , أما تبني قضيتنا أو حتى الإشارة إليها بأي محفل إقليمي أو دولي كان يعتبر من رابع المستحيلات .
بصراحة تامة كثير من قادتنا تقلدوا مناصب كوزراء ومحافظين ووكلاء وغيرها من المناصب القيادية والإدارية ولكن معظمهم فشلوا للأسف الشديد , والسبب يعود في ذلك للبطانة الفاشلة التي لم تستطيع أن تكون عون لذلك المسؤول أو القائد لسد ثغرة النقص أو العجز بقيادة تلك المرافق .
ولعدم وجود خطة إستراتيجية أو رؤية علمية وعملية مبكرة لدى القيادات الجنوبية لتأهيل وتدريب قيادات وكوادر أو البحث من خارج الطيف السياسي المهيمن عمن يمتلكون تلك المزايا والصفات , هناك كوادر تستطيع أن تقود البلاد إلى بر الأمان متى ما توفرت لها الفرصة أو تم الاستعانة بها عندما يحين وقت إعلان الإستقلال أو فك الإرتباط .
لا زالت تلك القيادات رغم فشلها وعدم قدرتها على مواكبة المرحلة تأبى التنحي أو الإعتراف بالفشل والاخفاق وترك الساحة لغيرها من أصحاب الكفاءات الوطنية والقدرات القيادية التي هي هبة من الله عز وجل , حان وقت تجاوز الأنا ونحن ناظلنا ونحن ضحينا ونحن قاتلنا , فهذا واجب وطني على كل فرد يجب أن يؤديه بصمت وبكل فخر وإعتزاز دون منه .
على الكل أن يضع الوطن والمواطن في سلم أولوياته ويضحي من أجل ذلك , أما الركض خلف السلطة والتشبث بها لن يكون مصير أصحابه بأفضل من مصير سابقيهم .