رسالة أخوية إلى شرفاء مأرب

صالح أبو عوذل

الأخوة أبناء مأرب قبائل وسادة واشراف تحية طيبة لكم من عدن الصمود وعاصمة الجنوب الأبية. اكتب لكم هذا اليوم رسالة عاجلة أتمنى من كل قلبي ان تصل الى أهل مأرب التاريخ والحضارة.

أكتب لكم من عدن التي ذاقت كل صنوف القهر منذ ستينات القرن الماضي، حين احتضنت الجميع بمن فيهم اليمنيون القادمون من جغرافيا الجوار.

أبناء عدن الأصليون اليوم حرموا من كل شيء، حتى من حقهم في العيش والسكن والتعليم، لقد سلبوا منهم كل شيء، سلبوا منهم هويتهم ومدنيتهم، وأصبح العدني لقب يطلق على من أتى ليس من خارج عدن ولكن من خارج جغرافيا الجنوب.

لست هنا في صدد الحديث بشكل عنصري، فالعنصرية ليست الا تعريفاً لتلك الجحافل التي اجتاحت عدن في 94م و2015م، هي من تمثل العنصرية المقيتة.

قد يسأل احدهم، كيف هي تلك العنصرية، العنصرية هي ان تنهب منازل المواطنيين وتصادر املاكهم، بدعوى انهم ماركسيون وخارجون عن الملة.

العنصرية هي ان تصفهم بالمرتدين عن الدين الإسلامي وتهمشهم وتسلب حقهم، بل ان العنصرية في ابشع صورها هي تلك الفتوى التي ستظل وصمة عار في جبين أصحابها إلى قيام الساعة.

الأخوة أبناء مأرب الشرفاء قد اطيل عليكم في الحديث عن العنصرية وعن حكم الهضبة للجنوب، ولكن أدرك كل الادراك انكم تعرفون كل تلك التفاصيل، تعرفون ما لحق بعدن والجنوب، بفعل حكم الهضبة لبلادنا.

اليوم أشعر بالحزن حين تأتي تلك الاخبار والتقارير الموثقة من عاصمة سبأ التاريخية التي يتعرض أهلها وقبائلها العربية الأصيلة لشتى صنوف القهر والاذلال.

عرفنا ما يعانيه المأربي القبيلي الشهم في سجون مليشيات علي محسن الأحمر ومحمد علي المقدشي وهاشم الأحمر، سمعنا تلك الجرائم البشعة التي يندي لها الجبين.

سمعنا وعرفنا قتل الكثير من رجال مأرب الشرفاء في السجون السرية للحكومة الإخوانية الزيدية.

سمعنا عن نهب إيرادات ثروات مأرب النفطية والغازية، وتحويلها الى ارصدة حكام الهضبة في إسطنبول والدوحة، ولا ستبعد ان يذهب جزء منها الى البنك المركزي في صنعاء، تستخدم كمجهود حربي. يعرف الجميع عملية الغزو الذي تعرضت له مأرب جراء الانقلاب الحوثي، لقد تدفق عليها الآلاف من الهضبة الذين سلموا صنعاء وبقية المدن للحوثيين وذهبوا إلى مأرب، للحفاظ على الثروات النفطية التي حرم منها أبناء مأرب كثيرا.

اليوم مأرب تتعرض لأبشع عملية احتلال، هي تلك العملية التي يتم فيها تمكين جحافل الهضبة من كل شيء في مأرب، فلم يتبق أي مرفق حكومي أو أمني لم يسلم لمسؤول من خارج المحافظة.  

اقسم اني لا اتحدث بعنصرية، ولكن اود تنبيهكم الى ان حقكم يسلب وارضكم تنهب تحت شعارات الاعداد لمحاربة الحوثي، فالحوثي يحكم مأرب، فلو لم يكن الحوثي بممثليه من جحافلة الهضبة يحكمون مأرب لما استمر كل هذه السنوات، وإلا بربكم كيف يحصل على الأسلحة والطائرات المسيرة التي تمر عبر مملكة مارب الإخوانية الجديدة.

ان الجيش الجرار الذي في مأرب حاليا، لا يفكر في اطلاق طلقة رصاص واحدة صوب الحوثيين، ولكم في مسرحية صرواح عبرة، تلك المسرحية التي دفعت الحوثيين الى الاقتراب من مأرب، لكم ما شعرت الهضبة ان أبناء مأرب قد يرفضون حكم الهضبة.

انهم قد يجعلون الحوثي فزاعة لكم، فكل ما ارتفعت اصواتكم للمطالبة بحكم أرضكم، سوف يدفعون الحوثي للتوغل في جغرافيا مأرب، وقد يصل الى العاصمة، ولكن فكروا جيدا، ان ما يحصل في مأرب هي عملية احتلال عسكري مع سبق الإصرار.

ثوروا لأرضكم وامنعوا عملية التوطين الخبيثة لتلك الهضبة التي دمرت اليمن، وجعلته في ذيل الدول العربية في كل شيء، وجزء منه يمثل حضارة ضاربة في الجذور هي حضارة مأرب التأريخ والهوية العربية الأصيلة.  

لا احب الاطالة، ولكن أقول استفيدوا من تجربة الجنوب مع الهضبة، انظروا الى عملية التدمير الممنهجة لكل شيء في الجنوب، فتلك الهضبة لا تجيد سوى الانتقام، هي تنتقم من لا شيء.

استفيدوا من تجربة الجنوب مع الهضبة، والا ستجدون أنفسكم في القريب، غرباء في وطنكم وأرضكم، ستجدون أنفسكم معرضون للهجرة والفرار من البطش صوب أماكن أخرى.

والله من وراء القصد.





مقالات الكاتب