الوسيط والصمت القاتل.. هل تواطأت الأمم المتحدة مع الجرائم الحوثية؟
الأحد 10 فبراير 2019 03:30:00
"ليس في كل المرات يكون الصمت تعبيراً عن سلبية طرفٍ تجاه أزمة، فقد يكون سلاحاً يبيح لجزارٍ ما أن يمارس أبشع صنوف القتل والترويع، قناعةً أنّ أحداً لن يحاسبه وأنّ جهةً لن تتحرك لإنقاذ ضحيته".
يحدث هذا بشكل يومي في اليمن، ففي الوقت الذي ترتكب فيه مليشيا الحوثي المدعومة من إيران أبشع أنواع الانتهاكات من قتل وترويع وتهجير وتجويع ضد المدنيين، يرفع العالم عبر منظمة الأمم المتحدة شعار الصمت، وكأنّه إيذانٌ من قبل من يلعب دور الوسيط لحل الأزمة، بمزيدٍ من المعاناة ورفعٌ في عداد الغارقين في أتون أزمة إنسانية أشعلتها المليشيات الانقلابية.
ترى صحيفة "عكاظ" السعودية أنّ المصداقية الدولية في اليمن أصبحت على المحك، وتقول: "في ظل التعنت الحوثي ونكثه للاتفاقات التي وقّع عليها وعدم تنفيذه لها بالشكل المطلوب، برز الدور السلبي للأمم المتحدة التي ساهم صمتها وتغاضيها عن الجرائم التي تقوم بها المليشيات الانقلابية في تمادي هذه المليشيات في أعمالها المهددة للسلم الأهلي، وعدم إلقائها بالاً لما يمكن أن يترتب على جرائمها أو ردع دولي".
وتضيف: "نتيجة لذلك كله جاءت الدعوة القوية من الحكومة اليمنية موجهةً للأمم المتحدة من أجل كشف معرقلي تنفيذ اتفاق ستوكهولم وفتح ممرات آمنة لقوافل الإغاثة الإنسانية، ومطالبتها باتخاذ إجراءات رادعة ضد مليشيا الحوثي، وانتقادها بشدة ما وصفته بصمت وتواطؤ المجتمع الدولي والأمم المتحدة تجاه تصرفات المليشيات بحق العملية الإغاثية، وتأكيدها على أنه مساهمة مباشرة في زيادة معاناة الشعب اليمني، وأن الصمت حيال انتهاكات الحوثي بحق العملية الإنسانية غير مبرر وغير مقبول".
"لصمت على الجرائم التي يرتكبها مختطفو الحكم في صنعاء، وعدم تسمية الأشياء بمسمياتها، يعدان داعمين بشكل غير مباشر للانتهاكات والتجاوزات ونقض العهود من قبل مليشيا الحوثي، ويعلم الجميع أنها لم تنفذ حتى اليوم أياً من التزاماتها في اتفاقات السويد".. تؤكد "عكاظ".
وتشير إلى أنّه يجب على الأمم المتحدة وممثليها في اليمن الوقوف بحزم ضد كل الانتهاكات والأعمال الإرهابية التي ترتكبها مليشيا الحوثي، واتخاذ إجراءات رادعة ضدها، من أجل صون مصداقية وسمعة هذه المنظمة الدولية من أي تعدٍّ، أو اتهام لها بتشجيع جماعة إرهابية على الاستمرار في تدمير اليمن.
نال الصمت الأممي على الخروقات الحوثية الكثير من الانتقادات، بالإضافة إلى الاستنكار المحلي من قبل الحكومة، أعربت المملكة العربية السعودية على لسان سفيرها لدى اليمن محمد آل جابر عن استغرابها لمواصلة صمت المنظمات الأممية عن جرائم وانتهاكات مليشيا الحوثي وسرقتها وإعاقتها لتوزيع المساعدات الإنسانية للشعب اليمنى.
آل جابر قال: "السعودية والإمارات والكويت سلَّمت الأمم المتحدة ملياراً و250 مليون دولار ضمن خطة الاستجابة الإنسانية التي أطلقتها الأمم المتحدة في اليمن، وأبلغنا كلاً من وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك ومنسقة الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة في اليمن ليز جراندى، بأنه لم يتم إنفاق سواء 40 % من تلك الأموال".
وأضاف أنّه والعديد من مسؤولي التحالف العربي سبق أن أبلغوا كبار مسؤولي الأمم المتحدة بممارسات مليشيا الحوثي ضد المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أنّه منذ سنوات والمليشيات تعيق هذه المساعدات الإغاثية وتنهبها، وتمنع وصولها إلى بعض المناطق في اليمن، إضافة لتحويلها تلك المساعدات إلى مجهودها الحربي بطرق مختلفة، وأكّد أنّ ذلك يعد مؤشراً على عدم قدرة الأمم المتحدة على استخدامها وإيصالها إلى المحتاجين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.
وحذر من أنّ الصمت على جرائم مليشيا الحوثي سيزيد من ممارساتها السيئة، مطالبًا منظمات الأمم المتحدة بالتحدث بصراحة، والكشف عن الحقائق التي تعترض أعمالهم بسبب تصرفات الانقلابيين، وهذا سيجعلها في موقع قوي لمواجهة ممارساتهم.
تحذير آخر صدر - في مطلع يناير الماضي - عن المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي هيرفيه فيرهوسيل الذي قال إنّ قضية سرقات مليشيا الحوثي للمساعدات الإغاثية لا تؤثر فقط على البرنامج، بل على جميع وكالات الإغاثة العاملة في اليمن.
فيرهوسيل طالب بإيقاف مليشيا الحوثي عن سرقة المواد الغذائية، ومحاسبة المسؤولين المتورطين في نهبها، لافتاً إلى أنّ برنامج الأغذية العالمي طالب مراراً وتكراراً بأن تقوم مليشيا الحوثي بإدخال تسجيل للقياسات الحيوية، ووضع حدٍّ للاحتيال وخسارة المساعدات.