ساعدوني أنا وسيط.. هل يتسوّل لوليسجارد التزام المليشيات باتفاق السويد؟
الخميس 14 فبراير 2019 23:55:05
"أنا وسيط، سأعمل على إنجاح الاتفاق من خلال الحصول على ثقة الطرفين دون تفضيل".. لم تكن مجرد رسالة دبلوماسية لمن يُفترض أنّه يعمل على حل الأزمة اليمنية، لكنّها رخصةٌ أباحت ولو بشكل غير مباشر، استمرار مليشيا الحوثي الانقلابية في خروقاتها وانتهاكاتها منذ توقيع اتفاق السويد
رئيس لجنة المراقبة الأممية الجنرال مايكل لوليسجارد عقد اجتماعاً مع قيادات بالمليشيات الإرهابية الموالية لإيران، أكّد خلاله - حسبما نقلت وسائل إعلام ناطقة بلسان الانقلابيين - أنّ أنظار المجتمع الدولي تتجه إلى الحديدة إلى أن يتم تنفيذ اتفاق السويد بمختلف مراحله ووفقًا للجداول والفترة الزمنية المحددة.
"لوليسجارد" شدّد كذلك على أهمية التعاون من أجل تعزيز مسار السلام في اليمن ومستقبل أبنائه بجميع مكوناته وشرائحة الاجتماعية، وقال: "أنا وسيط سأعمل على إنجاح الاتفاق من خلال الحصول على ثقة الطرفين دون تفضيل" .
وأضاف أنّ مجلس الأمن سيعقد يوم الاثنين المقبل اجتماعاً حول اليمن وسيكون هناك ضغط سياسي لتنفيذ الاتفاق الذي يتطلع الجميع إلى تنفيذ أول بنوده المتمثل في الالتزام بوقف إطلاق النار، وبدء تنفيذ إعادة الانتشار وإنهاء التوتر في الحديدة وفتح الطرق والوصول إلى مطاحن البحر الأحمر بهدف إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المواطنين في مديريات المحافظة والمحافظات الأخرى.
لم يجرؤ "المسؤول الأممي الرفيع" على مصارحة المليشيات بالجرائم التي ارتكبتها منذ توقيع الاتفاق في ستوكهولم، والتي وصلت إلى 1400 خرق في محافظة الحديدة، حسبما أعلن التحالف العربي اليوم الخميس.
بيان التحالف جاء فيه: "مضى على اتفاقيات ستوكهولم أكثر من ستة أسابيع التزمت خلالها قوات الشرعية اليمنية والتحالف بوقف إطلاق النار بكل جوانبه، وأبدت كامل الانضباط في وجه الاستفزازات الخطيرة التي تجاوزت 1400 اختراق من المليشيات الانقلابية، وأدت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى".
إضافةً إلى ذلك، لم يسجل خلال الأسابيع الستة أي تقدم ملحوظ في تنفيذ الاتفاق وفق التحالف الذي أشار إلى أنّ المليشيات الانقلابية غير مهتمة بتطبيق بنود الاتفاقية، وأنهم في واقع الأمر يتعمدون التعطيل لكسب الوقت لبناء قدراتهم العسكرية في المدينة والمحافظة.
كما حمّل التحالف، مليشيا الحوثي مسؤولية القيام بالأعمال العدائية، والتي من شأنها تهديد اتفاقية ستوكهولم والأمن والاستقرار وحرية الملاحة البحرية وعمليات تدفق المساعدات الإنسانية، وتطلب من الأمم المتحدة ممارسة المزيد من الضغوطات لإجبار المليشيات الانقلابية تنفيذ بنود اتفاقية ستوكهولم.
يتماشى ظهور "الجنرال" وكأنّه يستجدي المليشيات مع كثير الممارسات الأممية في الفترة الأخيرة، وأبرزها تراجع الأمم المتحدة عن بيانٍ كان قد حمل تحميلًا صريحًا للانقلابيين بالمسؤولية عن عرقلة وصول الفرق الأممية إلى مخازن القمح وقصف صوامع مطاحن البحر الأحمر في الحديدة.
مليشيا الحوثي كانت قد احتفت أمس بما حمله بيانٌ أممي غضّ الطرف عن الجرائم التي ترتكبها عناصرها الإرهابية لا سيّما فيما يتعلق بقصف مطاحن البحر الأحمر وإتلاف كميات هائلة من القمح، فقد نقلت وسائل إعلام ناطقة بلسان المليشيات، عمن وصفته بـ"مصدر مسؤول" في حكومتها الانقلابية غير المعترف بها، الترحيب بالبيان المشترك الصادر عن البيان المشترك للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة مارك لوكوك، الصادر أمس الأول الاثنين، بشأن الأوضاع في اليمن.
وذهب ما بات يُطلق عليه "الهذيان" الحوثي، إلى حديث المصدر عن التزام المليشيات بتنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة، متناسيًّا مئات الخروقات التي ارتكبها الانقلابيون منذ الإعلان عن الاتفاق.
وجاء في "البيان الأممي المشترك"، تجديد التحذير من تلف كميات القمح المخزنة في الحديدة دون إمكانية الوصول إليها منذ خمسة أشهر، لكنّه لم يوجّه اللوم المباشر إلى المليشيات الحوثية كما جاء في البيان السابق الصادر من قِبل لوكوك.
وقال البيان إنّ "الحاجة الملحّة إلى وصول الأمم المتحدة إلى مطاحن البحر الأحمر الموجودة في الحديدة تتزايد يوماً بعد يوم، حيث أّنّ الحبوب التابعة لبرنامج الأغذية العالمي المُخَزنة في المطاحن، والتي تكفي لإطعام 3,7 مليون شخص لمدة شهر، معرّضة لخطر التعفن".
ولم ينسَ بيان الاسترضاء الأممي التنويه بتأكيد الحوثيين التزامهم بتنفيذ اتفاقية الحديدة، وتقدير ما وصفه بـ"جهودهم" السابقة لإعادة فتح الطريق المؤدي إلى المطاحن، والتي جرت في ظل ظروف صعبة وخطيرة على حد قول البيان.
وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" قد نقلت عن مصادر مطلعة في قولها إنّ المبعوث الأممي كان قد أجّل زيارته لصنعاء من يوم الأحد إلى الاثنين بناءً على طلب المليشيات الحوثية التي اشترطت إصدار بيان ينفي الاتهامات الصريحة التي وجهها إليهم، وكيلُ الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مارك لوكوك، الخميس الماضي، بشأن عرقلة وصول الفرق الأممية إلى مخازن القمح وقصف صوامع مطاحن البحر الأحمر في الحديدة.
وقالت المصادر إنّ إصرار الحوثيين على تبرئة ساحتهم في بيانٍ أخفّ لهجة، كان الباعث الحقيقي خلف صدور البيان المشترك للمسؤولين الأمميين.
ومنذ إشعالها الحرب في البلاد في صيف 2014، أدركت مليشيا الحوثي الإرهابية أهمية تصعيد الأزمة الإنسانية ومضاعفة معاناة المدنيين، في محاولة واضحة منها لإطالة أمد الأزمة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية والسياسية وذلك على حساب ملايين المواطنين.
وأمس الأول الثلاثاء، جدّد الانقلابيون قصف صوامع الغلال في مطاحن البحر الأحمر ومستودعات الحبوب التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في مدينة الحديدة، وذلك بعد ساعات فقط من مغادرة مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث، صنعاء، وذلك للمرة الثالثة خلال أسابيع قليلة.
المليشيات كانت قد قصفت في 25 يناير الماضي شركة مطاحن البحر الأحمر ما أسفر عن احتراق إحدى صوامع الغلال وتلف كميات كبيرة من مادة القمح، ووقع الهجوم الثاني في أول فبراير الجاري، حين جدّدت المليشيات استهداف المطاحن، بقذائف مدفعية أطلقتها من كلية الهندسة وباحة معهد التدريب المهني شمالي المدينة، متسببة بحدوث أضرار في الصوامع.
هذه الهجمات جاءت بعد أسابيع من اتهام مليشيا الحوثي بسرقة شحنات مساعدات الإغاثة والأغذية المخصصة للشعب الذي يواجه معاناة إنسانية.
وذكر بيانٌ صدر عن برنامج الغذاء العالمي أنّ الحوثيين يسرقون الأغذية من أفواه الجائعين ويحوِّلون شحنات الطعام، مؤكدًا وجود أدلة على استيلاء الانقلابيين على شحنات الإغاثة، وارتكابهم هذه الانتهاكات فى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وطالب البرنامج، بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، وأضاف: "تمّ الكشف عن التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها برنامج الأغذية العالمي خلال الأشهر الأخيرة، وأجريت هذه المراجعة بعد ازدياد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة".
اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها، المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.
وفي هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ، يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".
اللافت أنّ المليشيات أخذت تبيع هذه المنتجات في السوق السوداء بالأسواق لتحقيق أرباح حتى وإن كانت على حساب أوجاع الشعب، ورغم المزاعم الحوثية بنفي تورطها في هذه الجرائم، لكنّ المليشيات حاصرتها أدلة كثيرة على سرقتها لطعام المواطنين وتحويل المساعدات إلى وسيلة للابتزاز والضغط على الأسر المحتاجة للدفع بأبنائها للانخراط معسكرات الحوثيين وإرسالهم إلى جبهات الموت.
وفي شأنٍ غير بعيد، اتهمت الحكومة - في مطلع يناير الماضي - مليشيا الحوثي بنهب واحتجاز نحو 697 شاحنة تحمل موادًا إغاثية، ومنع 88 أخرى من الدخول، خلال أكثر من ثلاث سنوات، وقال بيانٌ صدر عن اللجنة الإغاثية العليا التابعة للحكومة، إنّ مليشيا الحوثي احتجزت ومنعت دخول أكثر من 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية إلى مينائي الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة في الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018.
ومن بين هذه السفن، 34 سفينة احتجزها الحوثيون لأكثر من ستة أشهر حتى تلفت معظم حمولاتها، إضافةً إلى استهداف سبع سفن إغاثية وتجارية ونفطية بالقصف المباشر، وخلال نفس الفترة، قام الحوثيون بنهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
وبالحديث عن الوضع في الحديدة، فقد استشهد 60 شخصاً وأصيب أكثر من 100 آخرين جرّاء الخروقات والانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي خلال شهر يناير الماضي فقط، وشملت إحصائية أوردتها فضائية "سكاي نيوز"، أربع حالات وفاة داخل سجون المليشيات جرّاء التعذيب أو الإهمال الطبي، وحالة وفاة لسجين خرج من سجن حوثي بحالة صحية متدهورة، كما أنّ من بين القتلى كذلك 18 طفلًا و14 امرأة.