طهران تدعم مشروع الحوثي المتطرف بتشويه حضارة زبيد الإسلامية
لا يمكن الفصل بين الاستهداف المتعمد للحضارة التاريخية والإسلامية في مدينة زبيد اليمنية، وبين محاولة طهران تسويق ونشر مشروعها المتطرف ليصل إلى مختلف البلدان العربية، وتتخذ من اليمن قاعدة لهذا الانطلاق من خلال دعم المليشيا المسلحة ودفعها لهدم التاريخ والحضارة اليمنية التي تعرف بالسماحة والوسطية وتتفرد بعراقتها التاريخية.
تعتبر "زبيد" أول مدينة إسلامية في اليمن، وثاني أهم المدن اليمينية التاريخية بعد صنعاء القديمة، كانت بمثابة مدارس علمية فكرية ومصدراً مهماً للعالمين العربي والإسلامي، وهي تؤوي اليوم أكثر من 50 ألف نسمة، يعيش ما تبقى منهم عرضة للإرهاب الحوثي ودروعاً بشرية للتحصينات القتالية.
وتاريخيا فإن علي محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204هـ، هو من رسم خريطتها، وقبل ذلك التاريخ عبارة عن ثلاث قرى صغيرة هي المنامة، النقير، وجبيجر، وهو ما يكشف الاستهداف المتكرر من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران لها، في محاولة لمحو المشروع الإسلامي الوسطي اليمني لصالح مشروع طهران المتطرف.
ويرى مراقبون إن بصمات إيران واضحة خلف ذلك، من أجل تدمير ذاكرة المجتمع اليمني وتشكيل وعي جديد يتحول مستقبلاً إلى قنابل موقوتة مع محيطه العربي، إذ أن زبيد وهي معلم تاريخي لدراسة العلوم الفقهية تخالف دعوة مليشيا الحوثي التعصبية ذات المشروع الإيراني المبطن.
وظلت زبيد عاصمة ومركز حكم للدويلات المتعاقبة مثل الدولة النجاحية والمهدية، ثم عاصمة شتوية ومركز علم وثقافة في عهد الدولة الأيوبية والرسولية والطاهرية في عهد المماليك، ثم أصبحت بعد ذلك مركزاً إدارياً وثقافياً منذ قدوم الأتراك حتى اليوم.
ونظراً لمكانتها العالمية فقد أصدرت منظمة اليونسكو عام 1993 قراراً باعتبار المدينة معلماً حضارياً تاريخياً ضمن معالم التراث الإنساني العالمي. وفى مارس من العام 1998 صنفت ضمن المدن التاريخية العالمية.
واشتدت ضراوة الحرب الحوثية ضد الحضارة اليمنية مؤخراً، في هجمات متكررة تمثلت في النهب المنظم وتهريب القطع الأثرية النادرة وسرقة وإحراق مخطوطات تعود لآلاف السنين، وشن الحوثيون حرباً خفية استهدفت معالم مختلفة في صنعاء القديمة ونهب متحف "بينون" في ذمار، بينما تعرضت المدينة التاريخية المعروفة بـ"زبيد" لضربات هي الأخطر.
وشيدت مليشيا الحوثي ثكناتها العسكرية داخل عشرات المنازل في محيط المدينة التي يعود تأسيسها للقرن الميلادي الـ9، علاوة على تحويل مخازن أخرى للأسلحة والذخيرة، وفقاً لمصادر يمنية.
ووصف الكاتب اليمني، حسن العديني، تدمير المعالم الأثرية، ونهب المخطوطات والوثائق من قبل ميليشيات الحوثي الإيرانية، بـ"الغارات العنيفة" ضد التاريخ والحضارة اليمنية.
وقال العديني "هكذا امتدت أياديهم إلى التراث يسرقون المخطوطات، وقد يحرقونها أو يبيعونها أو يحاولون تزويرها، ما جعل المنظمة الإسلامية للثقافة والتربية تصرخ ضد نهب المخطوطات من مدينة زبيد الأثرية".
وتملك مدينة زبيد، في طيات سورها التاريخي، نحو 86 مسجداً، وكانت بمثابة مدارس علمية فكرية، ومصدراً مهماً للعالمين العربي والإسلامي، وهي تؤوي اليوم أكثر من 50 ألف نسمة، يعيش ما تبقى منهم عرضة للإرهاب الحوثي، ودروعاً بشرية للتحصينات القتالية.