حرب الحوثي على الشركات اليمنية.. تدمير ممنهج للاقتصاد الوطني
نظم موظفو شركة "سبأفون" وقفة احتجاجية للمرة الثانية أمام المحكمة العليا بصنعاء أكدوا فيها أن الأحكام الجائرة التي صدرت ضد الشركة من شأنها إيقاف نشاطها وتشريد الآلاف من موظفيها وضياع عشرات الآلاف من فرص العمل داخل الشركة وخارجها.
وتسعى مليشيا الحوثي التي تسطير على صنعاء إلى غلق الشركة وتدميرها كغيرها من مئات الشركات التي دمرتها المليشيا بقراراتها الجائرة، لكن الوضع بالنسبة لشركة "سبأفون" يبقى أكثر أهمية إذ أنها شركة وطنية مازالت تنعش خزينة الدولة بمليارات الريالات.
وناشدت الوقفة الاحتجاجية الدولة والقضاء بضرورة تجنيب الشركة بشكل خاص وقطاع الاتصالات والقطاع الخاص بشكل عام المناورات السياسية، داعين إلى إعادة النظر في قضايا الشركة المنظورة أمامهم وفي الأحكام الجائرة التي صدرت ؛ وذلك من منظور محايد وعادل باعتبار القضاء العادل هو أساس الحكم وأمل الجميع.
واستغلت مليشيا الحوثي سيطرتها على مختلف مفاصل الدولة بصنعاء، بينها الجهاز القضائي والأمني والعسكري، وبدأت بمسلسل الابتزاز الذي تكرر كثيرا وطال ذلك عديد من الشركات، وأدى غياب دور أجهزة الأمن والسلطة القضائية في رضوخ تلك المؤسسات للحوثيين، والبدء بتنفيذ بعض الإجراءات للخلاص من ذلك العبث.
وتصل بعض الجبايات التي فرضها الحوثيون على البنوك قرابة 30% من الأرباح للعام 2018، مستغلة نفوذها وسطوتها على صنعاء، وهناك مخاوف من أن يؤدي التضييق الكبير على الشركات في رفع معدلات البطالة بين الشاب اليمني خاصة مع إغلاق بعض المؤسسات أبوابها بينها شركة واي للاتصالات، في البلد الذي ارتفعت فيه نسبة الفقر إلى أكثر من 85% ويعاني من المجاعة.
طالت تلك الإجراءات بعض المؤسسات وحتى المحلات التجارية الصغيرة كسيتي ماكس بصنعاء، وتم مصادرة أموال مواطنين وذلك من خلال حجز وتحفظ على حسابات كثير منهم.
كانت كذلك شركة MTN للاتصالات تعرضت منتصف العام 2018 للابتزاز، وسعت جماعة الحوثي إلى الاستحواذ على أرصدتها، وذلك بإصدار محكمة الضرائب الابتدائية الخاضعة لهم أمرا يتضمن حجز أرصدتها في جميع البنوك وشركات الصرافة.
تحدثت مصادر لوسائل إعلام خليجية، أن الشركة تدرس بشكل جدي مغادرة السوق اليمنية، نتيجة لضغط الحوثيين عليهم بإصدار حكم يقضي بمصادرة نحو 200 مليون دولار أمريكي. لكن الشركة أصدرت بيانا نفت فيه الأنباء المتداولة حول نيتها مغادرة السوق اليمنية، مشيرة إلى عزمها اللجوء لحل مشكلاتها بطرق قانونية بما كفل حماية الاستثمار والحفاظ على المصالح الاقتصادية.
وكشف تقرير فريق الخبراء الأممي للعام 2017 عن وصاية تفرضها جماعة الحوثي على شركات الاتصالات اليمنية الأربع، وتحويلها إلى مصدر من مصادر التمويل لحروبها منذ العام 2015م.
وبحسب العديد من الاقتصاديين فإن المليشيا الحوثية لم تكتفِ بتدمير مؤسسات الدولة، وتواصل تدمير الاقتصاد الرسمي لصالح اقتصاد السوق السوداء، وتدمير القطاع الخاص المنظم لصالح اقتصاد طفيلي نشأ خلال الحرب من تجار الحروب.
فمثلا في مقابل تعطيل شركة النفط الحكومية، تم تأسيس عشرات من شركات النفط الخاصة المملوكة لقيادات حوثية تتولى استيراد وتوزيع المشتقات النفطية وغاز الطبخ، ويتم التمهيد لإنشاء شركات خاصة في قطاع الاتصالات النقالة، من خلال ضرب شركات الاتصالات الموجودة، حيث تم فرض الحجز التحفظي على شركات الهاتف النقال، بهدف السيطرة عليها ونهب إيراداتها، ومن ثم استخدام البنية التحتية لهذه الشركات في تأسيس الشركات الجديدة المرتقبة.
وحذر سياسيون من استمرار سلطات الحوثيين في فرض إتاوات وضرائب غير قانونية على تجار الواردات، والمصنعين والشركات الخدمية الخاصة وصغار التجار في العاصمة صنعاء وبقية مناطقهم، كون تلك الإجراءات ستؤدي إلى تدمير القطاع التجاري والخدمي الخاص، وإلى ارتفاع الأسعار وخلق أزمات معقدة تفاقم المعاناة المعيشية لليمنيين.