جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن.. بارقة أمل في نفق «حوثي» مظلم
رأي المشهد العربي
حالة من الترقب الممزوج بالأمل ومشاعر اليأس تشهدها الساحة اليمنية، انتظارا لما ستكشف عنه جلسة مجلس الأمن الدولي المقرر انعقادها اليوم الاثنين، بعد تضارب مواقف مليشيات الحوثي الانقلابية وتنصلها من كافة الالتزامات والاتفاقيات المبرمة سابقًا وهو ما كشفه الجنرال الهولندي باتريك كاميرت رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة ومسؤول الفريق الأممي السابق.
ويخشى اليمنيون من ألاعيب الحوثي المستمرة لكسب المزيد من الوقت وترتيب صفوفها الداخلية بعد الانقسامات التي شهدتها المليشيا، وهو ما أكده الانقلابيون بعد الموافقة على مقترحات قدمها المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث خلال زيارته إلى صنعاء، وتكون تلك الموافقة ما هي إلا مراوغة سياسية لتخفيف حدة الانتقادات الدولية المتوقع توجيهها للانقلابيين خلال جلسة مجلس الأمن.
موافقة المليشيات بشكل مبدأي على تنفيذ خطوات المرحلة الأولى من إعادة الانتشار بالحديدة وفق خطة رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار، الجنرال الدنماركي لوليسغارد، بالرغم من إصرارها على الرفض سابقًا، جعلت المشهد يزداد ضبابية وفقد اليمنيون شغف انتهاء الأزمة وما زاد من معاناتهم حديث «باتريك كاميرت» عن فترته السابقة التي قضاها في المفاوضات بين طرفي الحكومة والمليشيات الحوثية، ليظهر تساؤل ويفرض نفسه «هل يفي مجلس الأمن بوعوده»؟
يأس «كاميرت»
الإجابة على تلك الأسئلة ستكون تتطلب عرض وجهة نظر الجنرال الدنماركي السابق باتريك كاميرت الذي أكد فيها أن مهمته كانت سخيفة جدًا « مهمتي كانت ضمان سحب جميع الأسلحة الثقيلة من الحديدة، وتمهيد الطريق للإغاثة حرفياً على مراحل، والتي ثبت إنها (مهمة) سخيفة وغير واقعية تماماً.
تصريحات كاميرت لا يمكن تجاهلها أو غض الطُرف عنها لأنه استمر لمدة شهرين كرئيس للفريق الأممي وكذلك التصريحات تحمل في طياتها بوصلة المرحلة المقبلة التي ربما ينظر إليها مجلس الأمن ويعرف من الظالم الذي دمر اليمن ويتشفى منه ويبرد نار أهالي الشهداء الذين سقطوا برصاص الغدر الحوثي.
وقال الرئيس السابق لفريق المراقبين الدوليين لاتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، الجنرال الهولندي باتريك كاميرت إن فريقه أُصيب ست مرات بالرصاص الحي.
وأضاف الجنرال العسكري الذي يبلغ من العمر 68 عاماً، لصحيفة De Volkskrant الهولندية، بعد عودته إلى بلاده الجمعة الماضية، أنه كان يتعرض لتهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تنظيمي «داعش»، والقاعدة.
وقال إنه كان يتوجب عليه مع فريقه أن يبقوا يقظين في الحديدة بشأن الألغام والقنابل على جانب الطريق، مضيفاً «أنا حقا هادئ جداً ولكن يأتي وقت عندما لا تحس بالراحة.. يكفي أن يكون هناك مطلق نار واحد مع القات، كان الوضع أشبه بدمى الروليت الروسية».
ودمى الروليت هي عبارة عن دمية تتضمن داخلها عدة دمى أخرى بأحجام متناقصة، بحيث أن الأكبر تحوي الأصغر منها وهكذا.
وتابع: إن المخاطر لم تكن السبب في إنه ترك مهمته إلى الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد الأسبوع الماضي، «لقد قلت منذ البداية في الأمم المتحدة، أنا أقبل المهمة فقط لبضعة أسابيع، لقد قمنا بذلك لكنها امتدت في نهاية المطاف لتصبح شهرين تقريباً».
واستكمل: اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف اليمنية في السويد في ديسمبر غامضاً، ولكنه (الاتفاق) قلل من الريبة العميقة المتبادلة والكراهية بعد ما يقرب من 5 سنوات من الحرب في اليمن، موضحًا أن مهمته كانت ضمان سحب جميع الأسلحة الثقيلة من الحديدة، وتمهيد الطريق للإغاثة حرفياً على مراحل، والتي ثبت إنها (مهمته) سخيفة وغير واقعية تماماً.
وأوضح: «لم يرفض الطرفان أن يجلسا معا فحسب، بل وضعا مجموعة كاملة من الشروط.. وكان عليّ أن أتحدث معهم بشكل منفصل، وبالتالي قمت برحلات عبر الخطوط الأمامية في سيارة تويوتا لاند كروزر مدرعة-ترافقها القوات الحكومية مرة، ثم يرافقها الحوثيون في مرة أخرى».
وزاد بأنه تحدث مع كلا الطرفين على الأرض مرتين ومرة واحدة على متن السفينة، ومرة واحدة في فندق «مقيت» في الحديدة.
وقال العسكري الخبير الذي سبق أن تولى مهمات عدة في إطار الأمم المتحدة، إنه في إحدى المرات قُصفت مناطق تحت سيطرة القوات الحكومية، وكان يتعين على الأمم المتحدة إعادة ممثلي الحكومة في لجنة الانتشار إلى مناطقهم، وأرادوا التنقل في سيارات الأمم المتحدة، لكن ذلك حال دون عودتهم.
وأضاف «عند بقائهم في الفندق أصروا على البقاء في نفس الطابق الذي أقيم فيه كانوا يخافون من الهجمات».
وأردف بأن الطرفين لم يعودا يقبلان بالاجتماعات، ولذلك اخترعت حيلة، بعد أن رأيت سفينة للإنقاذ تابعة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، كانت راسية في الميناء، فأردت أن استخدامها، ولكن جاء الاعتراض من الأمم المتحدة بأنها غير مخصصة للمناقشات السياسية.. لكن في نهاية المطاف، سمح البرنامج بذلك.
أمل غريفيث
ورغم العراقيل التي تحدث عنها «كاميرت» ظهر المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث أمس في صنعاء وهدفت الزيارة التي قام بها للحصول على موافقة الحوثي بشأن الخطة، لتكون بمثابة المنقذ للأمم المتحدة التي فشلت في تطبيق الاتفاقيات الدولية، وكذلك المليشيا الانقلابية التي تصر على الاستمرار في جرائمها، وتماطل من أجل إعادة ترتيب أوراقها مرة أخرى، ما يشي بأن القرار سياسي لصالح الحوثي وليس لصالح إنهاء الأزمة اليمنية بشكل عام.
وطبقًا لوسائل إعلام حوثية، فإن اللقاء الذي جمع بين غريفيث وما يسمى برئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، انتهي بالموافقة على تنفيذ خطوات المرحلة الأولى من إعادة الانتشار بالحديدة وفق خطة رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار.
وجاءت زيارة غريفيث مع تعثر عمل لجنة الرقابة الأممية علی إعادة الانتشار في الحديدة، وعراقيل تواجه انتظام انعقاد اجتماعاتها؛ بسبب تعنت مليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن.
وقال عضو في اللجنة الحكومية لإعادة الانتشار في الحديدة إنه تم الاتفاق مع الجانب الحوثي والأممي في المدينة على خطة إعادة انتشار من موانئ الحديدة الثلاثة وفتح الممرات إلى مطاحن البحر الأحمر – شرق المدينة، لافتا إلى أن المرحلة الثانية من مهام لجان إعادة الانتشار هي إدارة المحافظة وطبيعة القوات التي ستتولى تأمين الموانئ ومركز المدينة.
كافة المعطيات السابقة ستقدم اليوم في جلسة مجلس الأمن.. فهل الأمم المتحدة قادرة على إنهاء الأزمة اليمنية.. ساعات وتتضح كافة النتائج وفي المقابل ستكشف عن الطرف المعرقل.