المليشيات تواصل إجهاض الحل السياسي.. هذا ما فعلته في الحديدة

الأحد 24 فبراير 2019 14:07:00
testus -US

كعادتها منذ إشعال الحرب في البلاد منذ صيف 2014، لا تعرف مليشيا الحوثي الانقلابية التزاماً بأي اتفاقات أو قرارات دولية، تتعلق بها الآمال نحو الوصول إلى حل سياسي.

اليوم الأحد كان من المفترض بدء المرحلة الأولى من إعادة انتشار القوات في مدينة الحديدة، إلا أنّه تمّ الإعلان - عبر شبكة "سكاي نيوز" - عن تأجيل انطلاق هذه العملية إلى غدٍ الأحد.

في سياق متصل، كشف مصدر حكومي أنّه لا يوجد أي تحرُّك حوثي لتنفيذ مقترح رئيس لجنة المراقبة الأممية مايكل لوليسجار حول إعادة الانتشار.

المصدر قال في تصريحات لصحيفة "عكاظ": "حتى الآن، لم نلمس أي جدية من الطرف الانقلابي الذي لا يزال يناور إعلامياً فيما على الأرض يعرقل الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق ستوكهولم".

وأضاف: "نحن في الحكومة أبدينا مرونة مع الأمم المتحدة وبخاصةً أنّ المرحلة لا تلزمنا بأي خطوة ولكن حرصاً منا على الجانب الإنساني قدّم فريقنا مبادرة منذ وقت مبكر بالانسحاب عدة كيلو مترات لفتح ممرات إنسانية لإغاثة شعبنا الذي يتعرض للتجويع اللممنهج من قبل المليشيات في الحديدة وخارجها".

وتقضي المرحلة الأولى من المقترح، بانسحاب المليشيات الحوثية من مينائي الصليف ورأس عيسى لمسافة خمسة كيلومترات، فيما تنسحب القوات الحكومية لمسافة كيلومتر، وفتح طريق إلى مطاحن البحر الأحمر للوصول إلى مخازن الحبوب وتوزيعها على مدار 11 يوماً.

ورغم الترويج الدائم للمليشيات وادعائها أنّها تعمل على إيجاد حل سياسي، إلا أنّ الوقائع على الأرض تفضح هذا الكذب الحوثي، لا سيّما من خلال اللجوء إلى التصعيد العسكري بغية إطالة أمد الأزمة وتحقيق أكبر قدر من الفوائد على الصعيدين العسكري المتمثل في استمرار عملياتها الإرهابية، والشق الآخر يتعلق بتحقيق مكاسب سياسية.

أحدث المزاعم الحوثية في هذا الصدد كان مساء أمس السبت، عندما واصلت المليشيات مخادعة العالم بزعم أنّها تدعم الحل السياسي لإنهاء الأزمة في البلاد، وادعت أنّها ترحب بقرار مجلس الاتحاد الأوروبي الصادر في 18 فبراير الجاري الذي أكد أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء الصراع في اليمن.

اللافت أنّ المليشيات ادعت في رسالة وجّهتها إلى الممثل الأعلى للعلاقات الخارجية والسياسية الأمنية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني، التزامها بمخرجات اتفاق ستوكهولم ووقف إطلاق النار في الحديدة ما يمهد الطريق لبقية إجراءات وخطوات بناء الثقة، في كذب واضح فضحته انتهاكات المليشيات على الأرض.

المليشيات الإرهابية أثبتت "كذبها" الذي يندرج ضمن مؤامرة تحركها إيران للعبث بأمن اليمن وإطالة أمد الحرب التي أشعلها الحوثيون منذ صيف 2014، حيث قصف الانقلابيون بقذائف هاون، مطاحن البحر الأحمر الواقعة في الأحياء الشرقية للحديدة الخميس الماضي، وسقطت قذيفة بجوار صوامع الغلال المليئة بكميات كبيرة من مادة القمح والتابعة لبرنامج الغذاء العالمي والتي تلبي احتياجات أكثر من ثلاثة ملايين جائع.

ستهداف المليشيات لمطاحن البحر الأحمر جاء بعد ساعات قليلة من قصف شنّته على مجمع إخوان ثابت التجاري في شارع صنعاء متسببةً في احتراق أحد الهناجر وإتلاف محتوياته.

وكان هذا الهجوم الحوثي على مطاحن البحر الأحمر هو الرابع خلال شهرين، حيث قصفت المليشيات قبل أيام، قصف صوامع الغلال في المطاحن ومستودعات الحبوب التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في الحديدة، وذلك بعد ساعات فقط من مغادرة مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث، صنعاء.

وفي 25 يناير الماضي، قصفت المليشيات شركة مطاحن البحر الأحمر ما أسفر عن احتراق إحدى صوامع الغلال وتلف كميات كبيرة من مادة القمح، ووقع الهجوم الثاني في أول فبراير الجاري حين جدّدت المليشيات استهداف المطاحن، بقذائف مدفعية أطلقتها من كلية الهندسة وباحة معهد التدريب المهني شمالي المدينة، متسببة بحدوث أضرار في الصوامع.

إجمالاً، أدركت المليشيات أهمية تصعيد الأزمة الإنسانية ومضاعفة معاناة المدنيين، في محاولة واضحة منها لإطالة أمد الأزمة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية والسياسية وذلك على حساب ملايين المواطنين، ويثبت الاستمرار الحوثي في قصف الصوامع أنّ المليشيات أدركت يقينًا بأنّ المجتمع الدولي سيقف صامتًا ما يمنحها رخصةً للاستمرار في انتهاكاتها.

وتمثل هذه الجرائم تأكيداً أنّ المليشيات لا تشغل بالاً لحل الأزمة في البلاد، وتسعى قدر المستطاع إلى إطالة أمد حربها العبثية في محاولة لكسب الوقت من أجل تحقيق أهدافها بعدما تعرّى وجهها الذي يُوصف بـ"القبيح" أمام المجتمع الدولي.

وقد جاءت الهجمات على مطاحن البحر الأحمر بعد اتهام المليشيات بسرقة شحنات مساعدات الإغاثة والأغذية المخصصة للشعب الذي يواجه معاناة إنسانية.

وذكر بيانٌ صدر عن برنامج الغذاء العالمي أنّ الحوثيين يسرقون الأغذية من أفواه الجائعين ويحوِّلون شحنات الطعام، مؤكدًا وجود أدلة على استيلاء الانقلابيين على شحنات الإغاثة، وارتكابهم هذه الانتهاكات فى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

وطالب البرنامج، بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، وأضاف: "تمّ الكشف عن التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها برنامج الأغذية العالمي خلال الأشهر الأخيرة، وأجريت هذه المراجعة بعد ازدياد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة".

اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها، المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.

وفي هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ، يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".

اللافت أنّ المليشيات أخذت تبيع هذه المنتجات في السوق السوداء بالأسواق لتحقيق أرباح حتى وإن كانت على حساب أوجاع الشعب، ورغم المزاعم الحوثية بنفي تورطها في هذه الجرائم، لكنّ المليشيات حاصرتها أدلة كثيرة على سرقتها لطعام المواطنين وتحويل المساعدات إلى وسيلة للابتزاز والضغط على الأسر المحتاجة للدفع بأبنائها للانخراط معسكرات الحوثيين وإرسالهم إلى جبهات الموت.

وفي شأنٍ غير بعيد، اتهمت الحكومة - في مطلع يناير الماضي - مليشيا الحوثي بنهب واحتجاز نحو 697 شاحنة تحمل موادًا إغاثية، ومنع 88 أخرى من الدخول، خلال أكثر من ثلاث سنوات.

وقال بيانٌ صدر عن اللجنة الإغاثية العليا التابعة للحكومة، إنّ مليشيا الحوثي احتجزت ومنعت دخول أكثر من 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية إلى مينائي الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة في الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018، ومن بين هذه السفن، 34 سفينة احتجزها الحوثيون لأكثر من ستة أشهر حتى تلفت معظم حمولاتها، إضافةً إلى استهداف سبع سفن إغاثية وتجارية ونفطية بالقصف المباشر.

وخلال نفس الفترة، قام الحوثيون بنهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.