خريطة النار في الحديدة.. الخطوة الثانية للتمادي الحوثي والصمت الأممي
رأي المشهد العربي
ليس غريباً أن تواصل مليشيا الحوثي الانقلابية عبثها بأي محاولات صوب الحل السياسي، فتعمل على إجهاضها على الفور بغية إطالة أمد الأزمة بأقصى قدر ممكن.
وإزاء ما يمكن اعتباره صمتاً أممياً على عديد الجرائم التي ترتكبها المليشيات (الموالية لإيران)، فإنّها ربما تجد الفرصة سانحةً نحو تصعيد عسكري، تجيد فيه العدوان على المدنيين لإفساح الطريق أمام نحو تحقيق انتشار أكبر.
يحدث ذلك حاليًّا في محافظة الحديدة، فالمليشيات تحشد من أجل إشعال المنطقة من جديد، ما يعني إطلاق الرصاصة الأخيرة على اتفاق السويد التي فرَّغته المليشيات من محتواه واغتالت أي فرصة نحو تثبيته مستقبلاً، وعلى الأقل في الفترة القليلة المقبلة.
"ألوية العمالقة" أصدرت تحذيراً من أنّ المليشيات تحشد حالياً لإشعال الحديدة، كاشفةً أنّها قصفت مواقع في مديرية التحيتا بالمدفعية، واستقدمت تعزيزات عسكرية وأسلحة ثقيلة ومتوسطة، استعداداً لاستئناف معركة الحديدة.
يكشف هذا تمادياً من قِبل المليشيات الموالية لإيران في المراوغة لتنفيذ اتفاق السويد، وهو ما يُفترض أن يزج بالانقلابيين في ساحة مواجهة مع المجتمع الدولي يكون عنوانها الحاسم هو ردع المليشيات وإجبارها على وقف ممارساتها العبثية في البلاد، وهو ما يعني أنّ الاكتفاء ببيانات الإدانة أمر غير كافٍ، ويستلزم تضييق الخناق على المليشيات بشتى الطرق الممكنة.
وبالرغم من أنّ الوقائع على الأرض تشير إلى أنّه يجب ألا يُعلَّق أملٌ كبير على المجتمع الدولي، إلا أنّ ما شهدته الجلسة الأخيرة المغلقة التي عقدها "مجلس الأمن" يمكن أن تعطي بريقاً من الأمل.
ففي هذه الجلسة، لوَّحت الولايات المتحدة باستخدام الحزم ضد مليشيا الحوثي بسبب عرقلتها تنفيذ اتفاق السويد واستمرارها في الأعمال العدائية.
القائم بأعمال السفير الأمريكي بالأمم المتحدة جوناثان كوهين أعرب عن امتعاضه من عدم وجود تقدم في تنفيذ الاتفاق، وكذلك من قيام الحوثيين بتسمية مقاتليهم كـ"قوات محلية"، مشدداً على أنَّه لا يمكن مساواة الحوثيين بالحكومة.
المندوب الأمريكي أكّد كذلك أنّ من يعرقل تنفيذ الاتفاقيات، ويسعى لاستمرار الأعمال العدائية ستتم مواجهته بحزم من قبل مجلس الأمن الدولي، في تلويح ربما يكون غير مسبوق في التعاطي مع خروقات الحوثيين.
على نفس الخط، أشار مندوب ألمانيا إلى إمكانية أن يلوح المجلس ببيان يحدد المعرقلين للعملية السياسية، لافتًا إلى أنّه لا يجب التسامح مع أي طرف معرقل أو مخطئ.
هذا الموقف الدولي الغاضب، جاء بعدما صرَّح المبعوث الأممي مارتن جريفيث بأنّه لم يتم تحقيق أهداف اتفاق الحديدة حتى الآن وأنه لا يزال يتواصل مع الأطراف للبدء في تنفيذ المرحلة الأولى.
وأوضح أنّه من الصعب بناء الثقة بين الطرفين وأنها شبه معدومة لكنها ضرورية لتنفيذ إعادة الانتشار، وأن المرحلة الأولى تعتبر مهمة جداً وأهم من المرحلة الثانية.
وأشار إلى أنّه تحدث مع مليشيا الحوثي عن ملف تعز وكذلك الأسرى، لافتاً إلى أنّه إذا حدثت انتكاسة ستؤثر على باقي الملفات، كما أعرب عن أمله من أن يتم إطلاق سراح عدد من الأسرى يقدر بـ1700 محتجز، مشدداً على أن الصليب الأحمر ممتعض من عدم إطلاق أي أسرى حتى الآن.
وأوضح أنّ العملية السياسية طغت على تنفيذ المرحلة الأولى، وقال إنَّه سيتم التطرق في الجولة القادمة من المفاوضات إلى طرح إطار سياسي عام مقتضب وموجز يحدد الأهداف الأساسية وتترك التفاصيل لبقية الأطراف لتحديده والتركيز على التفاصيل والهياكل الرئيسية التي ستقود المرحلة، وهي حكومة وحدة وطنية، وهيئة رقابة لضمان نزع السلاح، ودور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، وإعادة النظر في مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية.
تشير كل هذه التطورات، إلى أنّ الوضع في الحديدة مرشحٌ للانفجار من قِبل المليشيات الحوثية، وهو ما يستدعي تدخلاً على وجه السرعة، يقوم على تضييق الخناق على الانقلابيين من جهة، وأن تتأهب الحكومة والتحالف العربي إلى تلك الخطوة الحوثية لا سيّما على الصعيد العسكري.