إرهاب الإخوان بين مواءمة الحوثي واستهداف الجنوب.. رقصٌ على جميع الحبال
في الوقت الذي يملك فيه حزب الإصلاح (الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية) قدرة عسكرية على مواجهة الانقلابيين الحوثيين في قلب صنعاء، إلا أنّه آثر على ما يبدو استخدام مليشياته في مرحلة لاحقة، سيكون عنوانها مصادرة السلطة بقوة السلاح.
منذ اليوم الأول لانقلاب المليشيات الحوثية في صيف 2014 وإشعالهم الحرب في البلاد، اختار الإخوان الابتعاد عن خط المواجهة، وقد تجلّى ذلك جيداً فيما تعرف بـ"فضيحة الهروب الكبير"، عندما فرّ علي محسن الأحمر (الموالي للجماعة الإرهابية) أثناء توليه قيادة الفرقة الأولى "مدرع" ورغم عتادها الثقيل لكنّه غدر بالوطن،تاركاً الساحة أمام 20 طقماً حوثياً لاحتلال صنعاء.
وفي نوفمبر 2015، سلّم حزب الإصلاح منطقة الشريجة جنوب مدينة تعز إلى الحوثيين، وبعد ذلك بعامين سلّم كذك جبل هان المنفذ الوحيد الرابط بين تعز وعدن، للمليشيات الانقلابية.
اللافت أنّ الإخوان الذين ملؤوا الشوارع في انتفاضة 2011، ليس فقط في اليمن لكن في كل الدول التي شهدت تحركات شعبية آنذاك، وكوّنوا إطاراً سياسياً ثورياً ضد علي عبد الله صالح، إلا أنّ الإخوان غابوا عن الصورة بشكل متعمد.
لا يتوقف الأمر عند ذلك، بل إنّ بعض التصريحات المنقولة عن قيادات مليشيا الحوثي تحمل مغازلة بين الإخوان والانقلابيين، ما يشير إلى وجود علاقات أو جسور تواصل وقنوات مفتوحة، وما يُفسِّر ذلك هدوء الجبهات بين الطرفين الإرهابيين، فضلاً عن أن مصالح واستمثارات قادة الإخوان والموالين لهم في مأمن كبير في مناطق سيطرة المليشيات.
ويمكن النظر إلى هذا "الغياب الإخواني" بأكثر من اتجاه، منها أنّ الجماعة الإرهابية لا تريد استهلاك نفسها في مواجهة المليشيات الحوثية وبالتالي تجهز عددها وعتادها للمرحلة التالية، وهي محاولة الانقضاض على السلطة؛ تطبيقاً لسياسة الانتهازية المعروفة عن جماعة الإخوان.
الشق الثاني في الخطة الإخوانية، يتمثل في محاولة إجهاد الجيش والتحالف العربي في تلك المواجهات، بينما تتحرك الجماعة للضرب من الخلف؛ تحقيقاً لأهدافها وسياساتها والنحو الذي يحقق بنود أجندتها المُرتَّبة مع قطر وتركيا.
ولم ينسَ حزب الإصلاح أن يكيل ألاعيبه المفضوحة ضد الجنوب، مستخدماً أذرعه في حكومة عبد ربه منصور هادي، لا سيّما أنّ النجاحات الكبيرة على الصعيدين الأمني والسياسي في الجنوب باتت تمثّل مصدر رعب كبيراً للإخوان.
ويحاول من بات يُطلق عليهم "إخوان الشرعية" ضرب الجنوب سياسياً، وقد كان محاولة انعقاد ما يُسمى بمؤتمر الائتلاف الوطني الجنوبي الذي حاول أعداء الجنوب عقده في القاهرة؛ انطلاقاً نحو تأسيس ذلك الكيان المعادي، إلا أنّ هذا المؤتمر انتهى بفشل إخواني ذريع، لنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر ورجل الأعمال أحمد العيسي المتهم دولياً بجرائم فساد.
ويمثل أحد بنود المؤامرة السياسية التي يجيد الإخوان اللعب على حبالها، متسترين بغطاء الحكومة الشرعية للنيل من الجنوب، هو العمل على تزييف الحقائق، وهو ما تجلّى مؤخراً مع الموقف البريطاني من مستقبل البلاد.
ففي الوقت الذي يشير فيه الموقف الرسمي على لسان السلطة الدبلوماسية في المملكة المتحدة إلى أنّها تؤيد أي مستقبل لليمن، فيما يتعلق تحديداً بفك ارتباط الجنوب، يتم عبر الحوار وتحت مظلة الأمم المتحدة، ودون اللجوء إلى العنف إلا أنّ وسائل إعلام موالية للإخوان زيّفت هذا الواقع السياسي، مدعيةً أنّ لندن تؤيّد الوحدة وترفض أن يسترد الجنوب دولته، وقد تمّ ذلك من خلال تحريف تصريح لمتحدثة دبلوماسية بريطانية بعيداً عن سياقه.
ففي الأصل، قالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليسون كينج إنّ بلادها تدعو جميع الأطراف اليمنية للسعي لتحقيق أي تطلعات سياسية من خلال الحوار السلمي والامتناع عن العنف.
يضع "المنطق" تفسيراً لهذا التصريح، وهو أنّ بريطانيا اختارت الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، لكنّها وضعت إطاراً عاماً دعت إلى الالتزام به عند تحديد مستقبل الدولة، وهو يتمثل في عدم إتباع خيار العنف بأي حالٍ من الأحوال.
لكن "أبواق الإخوان" اختارت تجاهل هذا المنطق عند تفسير هذا التصريح، بأن ادعت قائلةً إنّ بريطانيا تؤيد الوحدة، في إشارة إلى رفضها فك ارتباط الجنوب، وذلك ضمن مؤامرة سياسية للجماعة الإرهابية.