زيارة الزبيدي إلى روسيا.. جنوبيون يستعيدون دولتهم وإخوانٌ يُجن جنونهم
نفس قدر النجاحات التي يحققها المجلس الانتقالي يوماً بعد يوم نحو استعادة دولته لا سيّما عند إجراء أحد قاداته زيارة خارجية يملؤها النجاح، فإنّ أعداء الجنوب الموالين لحزب الإصلاح (الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية)، لا سيّما أطرافها النافذة في الحكومة يُجن جنونهم.
في هذه الأثناء، يُسطّر الجنوب نجاحات جديدة، تمثّلت في زيارة رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس قاسم الزبيدي إلى روسيا، حيث عقد اليوم الأربعاء، لقاءً مهماً مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بجدانوف في مقر الخارجية الروسية.
الرئيس الزبيدي والوفد المرافق له ناقش مع بغدانوف، العديد من القضايا، وعلى رأسها القضية الجنوبية، وبما يخدم تطلعات الشعب الجنوبي التواق إلى استعادة دولتة كاملة السيادة، كما قدّم اللواء الزُبيدي شرحاً مفصلاً لجملة من القضايا ذات العلاقة باستقرار الوضع في المنطقة وإمكانية التعاون المشترك في مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كما زار اللواء الزبيدي، اليوم، مقر مجلس النواب الروسي (الدوما)، وبحسب الناطق باسم المجلس الانتقالي سالم العولقي، فإنّ رئيس العلاقات الخارجية في البرلمان الروسي ليونيد سلوتشكي، وبحضور مجموعة من البرلمانيين المختصين في مقر البرلمان الروسي استقبل الرئيس الزبيدي.
ومجلس الدوما هو مجلس النواب في الجمعية الاتحادية لروسيا (السلطة التشريعية)، أما مجلس الاتحاد فهو مجلس اتحاد روسيا.
هذه الزيارة تأتي بعد أيام قليلة من زيارة أخرى أجراها اللواء الزبيدي إلى بريطانيا، جاءت بدعوةٍ رسميةٍ وُجّهت إلى المجلس الانتقالي، وهو الأمر الذي شكّل صدمةً لأعداء الجنوب سواء في "الشرعية" أو بين صفوف جماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها النافذين في الحكومة.
الصدمة تجلّت على مدار الساعات الماضية، وذلك على صعيدين، أحدهما "تزييف الحقائق" من خلال أكاذيب تروِّجها أبواقٌ إعلامية موالية للمليشيات الإرهابية، مدعيةً أنّ موسكو صدمت المجلس الانتقالي بتأييدها للوحدة، إلا أنّ البيان الروسي الرسمي بعد اللقاء فضح هذا الكذب الإخوان.
البيان الروسي الصادر عن وزارة الخارجية أفاد بأنً اللقاء شهد مناقشة الأوضاع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن، لا سيّما في الجنوب، وقال إنّ موسكو مهتمةٌ بالإنهاء الفوري للحرب التي تشهدها البلاد، وإنشاء عملية مستدامة لتسوية شاملة، تشمل جميع القوى السياسية.
وبينما لم يقترب البيان الروسي بأي شكل من الأشكال من مصطلح "الوحدة" مطلقاً سواء بإشارة صريحة أو حتى تلميح من وراء ستار، إلا أنّ أبواق الإخوان روَّجت هذا الكذب كعادتها.
هذا الأمر تكرّر بنفس السيناريو خلال زيارة الرئيس الزبيدي إلى بريطانيا قبل أيام، فبينما يشير الموقف الرسمي على لسان السلطة الدبلوماسية في المملكة المتحدة إلى أنّها تؤيد أي مستقبل لليمن، فيما يتعلق تحديداً بفك ارتباط الجنوب، يتم عبر الحوار وتحت مظلة الأمم المتحدة.
إلا أنّ وسائل إعلام بعضها موالية للإخوان زيّفت هذه الحقيقة، وادعت أنّ لندن تؤيد الوحدة وترفض أن يسترد الجنوب دولته، وقد تمّ ذلك من خلال تحريف تصريح لمتحدثة دبلوماسية بريطانية بعيداً عن سياقه، ففي الأصل قالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليسون كينج إنّ بلادها تدعو جميع الأطراف اليمنية للسعي لتحقيق أي تطلعات سياسية من خلال الحوار السلمي والامتناع عن العنف.
يكشف هذان الموقفان المتشابهان مدى التوجُّس الذي يبلغ حد "الجنون" الذي ينتاب أعداء الجنوب إزاء أي تحرّك نحو فك الارتباط مع الشمال.
عبّر وزير النقل صالح الجبواني (الموالي لجماعة الإخوان الإرهابية) حيث دعا إلى أخذ زيارات قادة المجلس الانتقالي بمحمل الجد.
ليس هذا فحسب، فالوزير الإخواني قلّل من الخطر الإيراني بالنظر إلى تحركات المجلس الانتقالي، في إشارة منه - ربما بدون قصد - إلى استفادته برفقة من شاكلته، حيث تناسى هذا المسؤول الحكومي أنّ مليشياته (الإخوان) لم تتحرك لمواجهة الانقلابيين الحوثيين الموالين لإيران التي يتحدث عنها "الجبواني".
كما طالب الجبواني، الحكومة بفض الشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بداعي دعمها للمجلس الانتقالي، متناسياً الدور الإغاثي الكبير الذي تقدّمه أبو ظبي لليمن سواء على الصعيد الإنساني أو العسكري.
ورغم أنّه وزيرٌ في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أنّ الجبواني يُوصف بأنّه يطعن الشرعية من الخلف بـ"خنجر المؤامرات"، وذلك بهدف إتاحة الفرصة أمام مليشيات الإخوان لمصادرة السلطة في وقتٍ لاحق، بعد إجهاد الجيش في المواجهة مع الحوثيين التي هربت من مليشيا الإخوان.
ولعل السبب الرئيسي في الهوس الكبير الذي أصاب أعداء الجنوب هو زيارة قادة المجلس الانتقالي لدول عظمى لها ثقلها على الصعيد السياسي دولياً، وهو ما يخدم مستقبل دولة الجنوب بشكل كبير، ويمنحها رقماً مهماً على الساحة السياسية إقليمياً ودولياً، وما يزيد من الأمر قوة أنّ هذه الزيارات تأتي بدعوات رسمية تُوجّه إلى قادة المجلس وليس بطلب منها.
وكان المجلس الروسي للشؤون الدولية قد أصدر تقريراً قبل أيام، وتزامناً مع زيارة اللواء الزبيدي إلى موسكو، أكّد فيه الاهتمام الكبير القديم من قِبل روسيا بالجنوب، إذ أنّ الاتحاد السوفيتي نظر إلى الجنوب في الفترة من عام 1967 إلى عام 1990 كأكبر حليف في الشرق الأوسط.
وأضاف المجلس أنَّ ميناء مدينة عدن استضاف قاعدة عسكرية سوفيتية ضخمة في البحر الأحمر، فضلاً عن المساعدات التي قدمتها جزيرة سقطرى لعمليات الانتشار البحرية السوفيتية في هذه المنطقة المهمة استراتيجياً.