الباليستي الحوثي والاحتجاج الحكومي.. دقَّت ساعة انفجار الحديدة
رأي المشهد العربي
"إذا لم تستحِ.. فاقتل وانتهك واخرق"، لم تستحِ مليشيا الحوثي الانقلابية أمام الدعوات الدولية التي دعت لوقف الانتهاكات، فواصلت فعل ما شاءت، عبثاً بكل ما يحمله القانون الدولي من أعراف.
خلعت المليشيات رداء الإدعاء بالتسُّمك باتفاق السويد كاشفةً عن وجهها الحقيقي، وذلك لسان أحد قادتها، المدعو محمد علي الحوثي رئيس ما تُسمى اللجان العليا للثورة.
الحوثي قال في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، إنّ مليشياته لن تتخلى عن مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية، التي كانت محور أشهر من المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة مع الحكومة، متهماً الأخيرة بسوء تفسير الاتفاق.
وأضاف أنّ الحوثيين وافقوا على سحب عناصرهم لكنهم سيظلون مسيطرين على المنطقة، معيداً القول إنّهم لن يسمحوا للحكومة بالسيطرة على ميناء الحديدة.
يمكن النظر إلى هذا التصريح الحوثي بأنّه ترجمة حقيقية لما أقدمت عليه المليشيات منذ ديسمبر الماضي، فممارساتها على الأرض كان عنوانها خرق الاتفاق بكل ما أوتيت من "طغيان"؛ إجهاضاً لأي محاولة لنجاح خطوة أولى من الحل السياسي، يمكن البناء عليها فيما بعد.
اللافت أنّ تصريحات الحوثي تزامنت مع إعلان المبعوث الدولي مارتن جريفيث أنّ الأمم المتحدة ستطرح خطةً جديدة لسحب القوات من مدينة الحديدة، عقب محادثات مع الحكومة اليمنية والحوثيين.
وقال جريفيث في تصريحاته التي نُظر إليها بتفاؤل شديد: "عقب مناقشات بناءة مع الجانبين، تم إحراز تقدم باتجاه التوصل إلى اتفاق لتطبيق المرحلة الأولى من عمليات الانسحاب طبقا لاتفاق الحديدة"، وأوضح أنّه سيتم تقديم التفاصيل العملانية إلى الأطراف في لجنة تنسيق الانسحاب للمصادقة عليها قريباً.
بيد أنّ تصريحات الحوثي جاءت لتحرق الأمل الذي أبداه "جريفيث"، مشيرةً صراحةً إلى عزمها تصعيد الموقف في الحديدة، تأكيداً لكثيرٍ من التوقعات لتوجّه الوضع نحو الانفجار العسكري في نتاج واضح لعديد الخروقات التي ارتكبتها المليشيات الانقلابية لاتفاق السويد.
تزامن ذلك أيضاً مع نقل المليشيات الانقلابية مؤخراً، صواريخ باليستية ومعدات عسكرية ثقيلة إلى مدينة الحديدة من الجهة الشمالية للمدينة، محملة في شاحنات مخصصة لنقل قطع غيار المركبات والآليات.
قُرأت هذه الخطوة بأنّها نية تصعيد واضحة أقدمت عليها المليشيات، تفرض الكثير من التغيرات في المرحلة المقبلة، أهمها على ما يبدو ضرورة تغيير نهج الحكومة في التعامل مع المليشيات، وعدم الارتكان إلى أي اتفاق يمكن التوصّل إليه.
كما يفرض الأمر على قوات الجيش والتحالف التأهُّب جيداً لمعركة حامية، ربما تبدو حاسمةً للوضع في الحديدة بشكل كبير، لا سيّما أنّ المليشيات تقدّموا خطوة بالحشد المسلح الثقيل في الفترة الراهنة بالحديدة، وبالتالي يستلزم استعداداً لما يمكن وصفها بـ"مرحلة الانفجار".
لكنّ على الوضع السياسي، يبدو أنّ الحكومة بدأت الاستفاقة، عندما أبلغت الأمم المتحدة، احتجاجها رسمياً على ما "تجاوز المبعوث الدولي مارتن جريفيث مهامه في البدء بمناقشة إجراءات تطبيق تفتيش السفن في موانئ الحديدة بدلاً عن جيبوتي".
الحكومة أبدت استغرابها من لقاءٍ جمع قيادات حوثية في صنعاء بمجموعة من الموظفين الأمميين يمثلون آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش ومنسقها العام ومديرة مكتب المبعوث الأممي، قبل أيام، وأكَّدت أنَّ هذه التصرفات تتطلب توضيحات وتفسيرات مكتوبة من المبعوث الأممي وتأكيدات بعدم تكرارها مطلقاً.
وتطبيقاً لقول "أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي"، فحسناً فعلت الحكومة بتصعيدها ضد المبعوث الأممي، بعدما اختارت الصمت أو حتى التحرك الهادئ إزاء غض جريفيث أنظاره عن الانتهاكات الحوثية وتعطيلها للاتفاق السياسي.