أطفال الرصيف.. الحرب الحوثية تشوِّه الوجوه البريئة
السبت 30 مارس 2019 18:44:38
"مؤلمٌ أن يقضي طفلٌ صغير حياته في حقل عمل لظروف فرضها الفقر والعوز لكنّ القدر غمز إليه بجانبٍ من التبسُّم عندما وجد حلاً وبدأ عملاً، إلا أنّه بشعٌ أن يُدفع إلى الرصيف، يقف حائراً بين بيع مقتنيات صغيرة أو تسول ممن ابتسم لهم الحظ ولو قليلاً".. يحدث ذلك في اليمن.
تقارير حكومية حديثة كشفت أنّ هناك أكثر من مليوني طفل "يعلمون" جرّاء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية منذ صيف 2014، كما حُرم أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم، حسبما صرحت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ابتهاج الكمال.
ومن بين الأسباب المتعددة، نُظر إلى توقُّف مرتبات الموظفين الحكوميين بمن فيهم المتقاعدون الذين كانت أسرهم تعتمد على مرتباتهم كدخل أساسي، أحد أبرز أوجه الأزمة التي فاقمت ظاهرة عمالة الأطفال، ومعها تتعدد سوق عملهم حسب الظروف والفرص المتوفرة، ففي مقابل من يذهبون إلى الرصيف للعمل كباعة متجولين، هناك من يغادرون للعمل في محال تجارية لدى أقربائهم، وهناك من تركوا التعليم وآخرون استمروا في الدراسة مع العمل في الأوقات الممكنة خارج المدرسة.
ورغم أنّ ظاهرة عمالة الأطفال ليست قضية جديدة بالنسبة لأغلب الدول العربية، ومن بينها اليمن، إلا أنّها تضاعفت بشكل ملحوظ جرّاء انتهاكات المليشيات الحوثية، حيث لا تخلو أغلب المتاجر والمحال من عاملين في أعمار تتراوح بين العاشرة والـخامسة عشرة، وكذلك بالنسبة للبيع المتجول في الأرصفة والتقاطعات الرئيسية، التي تزدحم بالبائعين من الأطفال، وتختلف الظروف بالنسبة لأولئك الذين يجدون فرصاً للعمل لدى أقرباء تأمن عليهم أسرهم، بعض الشيء، وبين من لا يجدون غير الرصيف وأوساط الغرباء.
المليشيات الحوثية تتعدد أساليبها في استقطاب الطلاب، فبحسب مصادر أهلية يتم تسجيل أسماء الطلاب وأرقام هواتفهم بعد إغرائهم بالحصول على سلة غذائية ثم يتم دمج تلك الأرقام في مجموعات متطرفة عبر (واتساب) ومن ثم يرسلون الرسائل والشعارات الحماسية والمقاطع بهدف التأثير على الطلاب وتهيئتهم للمشاركة في الأنشطة التي تمهد فيما بعد لنقلهم إلى جبهات للقتال.
بالتزامن مع ذلك، تفرض المليشيات الحوثية إتاوات على الطلاب بحجة دعم المجهود الحربي، فتقول إحدى سيدات صنعاء: "لقد نقلت ابني من المدارس الأهلية إلى الحكومية لعدم قدرتنا على دفع الرسوم فإذا بهم يفرضون مبالغ شهرية تصل لألفي ريال على كل طالب كما يتم فرض رسوم إجبارية للمشاركة في احتفالات الحوثيين في الوقت الذي لا يملك الطلاب أنفسهم ما يسد رمق جوعهم".
وبحسب مدير مدرسة أهلية في حي النهضة، فإنّ مكتب التربية الخاضع لسيطرة المليشيات يمارس على المدرسة ضغوطاً كثيرة إذ تلزم المدارس الخاصة بحجز مقاعد مجانية لأبناء مقاتليها من دون دفع أي مبالغ مالية.
ويضيف: "في الوقت الذي يتم منح تراخيص وتسهيلات لشخصيات تابعة للحوثيين لفتح مدارس أهلية يتم تهديد مدارس أخرى بسحب التراخيص في حالة عدم دفع أموال للمليشيات وتبرعات لدعم المجهود الحربي، أو عدم إقامة فعاليات ومهرجانات وتوريد مبالغ مالية طائلة مقابل تكلفة طباعة الكتاب المدرسي فضلا عن الإتاوات التي تجبر المدرسة على دفعها".
إزاء ذلك امتنع الكثير من أولياء الأمور عن تدريس أطفالهم إما لعجزهم عن تسديد الرسوم في المدارس الأهلية، أو خوفا من التغرير بأطفالهم والزج بهم في جبهات القتال، خاصة أن كثيرا من الأطفال فارقوا أسرهم دون علم آبائهم وأمهاتهم وتركوا الدراسة ولم تعد إلا جثثاً هامدة.